قصيدة : معن سناجله - إلى وطني ..

إلى وطني .. _________
* في يوم الإستقلال .
وطني لغيرِكَ لا أزفُّ جميلا ولغيرِ قربِكَ لا أحثُّ سبيلا
فنَواظري ترنو إليكَ بلهفَةٍ أبداً لتشفي للفؤادِ غَليلا
وعَزائمي بكَ دائماً موصولةٌ لا ترتضي يوماً سِواكَ بديلا
فالرُّوحُ أنتَ بداخلي أضرمْتَها حُبَّاً وشوقاً عارِماً وصهيلا
فأبَتْ لغيرِكَ أنْ ترودَ مجاهلاً وأتتْ إليكَ تُعاودُ التّقبيلا
***
لكَ أنتَ وحدَكَ ما تشاءُ من العُلا فأمرْ سُهيلاً كي يجيءَ عجولا
وادعُ النُّجومَ مشارِقاً ومغارِباً تأوي إليكَ محبَّةً وفضولا
فلقدْ صعدتَ ممجَّداً بقلوبِنا وأضأتَ في ديجورنا قنديلا
ولمستَ فينا همَّنا فمسحتَهُ وجِراحَنا فجَعَلْتَها إكليلا
فأوتْ إليكَ غُيومنا وسُيوفنا وعلتْ بأرضِكَ قامَةً ونخيلا
وسَرَجْتَ فينا حُلمنا وشَبابَنا فنمت لديكَ سواعِداً وعُقُولا
****
فعلى العِدا نارٌ ترابُك موطني والجمرُ إنْ شاؤوا لهُ تطفيلا
وعلى ثراهُ كانَ أوّلُ موعِدٍ للغارِ ردَّ مخاطِراً وذُحُولا
واستعذبَ الجنديُّ فيهِ عذابَهُ واختارَ درباً حيَّرتْ عِزريلا
فكسا البلادَ حواضِراً وبوادِياً ضاهى جمالاً بدرُها الإنجيلا
وكذا المنازلُ لا تجيءُ بزهوها إلّا لمنْ قدْ حازها بالأولى
والمجدُ لا يدني مداهُ لسائلٍ لو جابَ عُرضاً في السّؤالِ وطولا
لكنّهُ لا يستطيعُ تمنُّعاً عمّنْ دعاهُ زمانُهُ تفضيلا
وكذلك الأردنُّ حازَ زمانًهُ واستلَّ من غِمدِ الجراحِ صَقيلا
فدم العُروبةِ نبضُهُ ووريدُهُ ما رامَ جاهاً غيرَها وقبيلا
****
وإذا نظرتَ إلى التُّرابِ وجدْتَهُ بدمِ الشَّهيدِ مضمَّخاً مَجْبولا
وشَمَمتَ فيهِ المسْكَ يعلو عابقاً لا يقبلُ التَّعليلَ والتّأويلا
بيتُ العُروبةٍ والنَّقاءُ ضميرُنا ما كانَ يوماً نبْضُنا قابيلا
****
فبكلِّ ركنٍ قد عشقتُ جميلةً وبكلِّ زاويةٍ رأيتُ جميلا
فالمجدُ أرخى للشمالِ جُفُونَهُ طَوعاً وأرَّخَ للجنوبٍ طويلا
حتّى غدتْ كلُّ المدائنِ غُرَّةً هامَ الجمالُ بوصفها ترتيلا
فجبالُ عمان العصيّةِ قامَةٌ أبَداً رؤاها تمنحُ التأميلا
وتضيءُ في أعمافِنا أقمارها وتردُّ عنّا غيهباً مسلولا
وحِداؤها الغالي يلمُّ جراحَنا ويشيعُ فينا ما يُعٍزُّ طلولا
****
وعيونُ إربدَ في الجمالِ عريقةٌ والمجدُ كانَ زمانَها المأهولا
فإذا نظرتَ لسهلِها أبصرْتَهُ طوداً وحِصْناً ما رجا تسهيلا
وسُهولُها ما فارقتْ يوماً ندىً أبداً ولا أخفتْ هوىً وهديلا
فجباهها شمٌّ وكانَ رجالها دوماً على مرِّ الزَّمانِ فُحولا
لهم المطالعُ إنْ أرادوا غرَّةً لا يرتضون من الجمالِ حُجولا
ولها من الشرف الرَّفيعِ عباءةٌ تيهاً تجرُّ على الزَّمانِ ذُيولا
وعلى ثراها من عبيرِ شُموخنا ما يملاُ الدّنيا صدىَ وذُهولا
فإلى سُهولِكِ يا حبيبةُ أنتمي وإلى عيونِكِ أعشقُ التبتيلا
وملامحي منكِ اكتست ودفاتري لولاكِ ما نالتْ مدىً وقبولا
فمدادُ نبضي أنتِ يا أغلى الهوى وقصائدي تهوى إليكِ رَحيلا
****
ولضفةِ الوادي الخصيبِ رِوايةٌ بالمجدِ ظلَّ زمانُها مشغولا
فلخالدٍ وأبي عبيدةَ بيرقٌ ودمٌ يشكِّلُ مجدَها تشكيلا
وجدائلُ السَّلط الجميلةِ تزْدهي وكرومها ما أينَعَتْ مجهولا
فعلى روابيها تغنَّى مجدُنا زهواً وأحيا نبضُها المعلولا
والعشقُ يسعى للطفيلةِ فاتحاً قلباً وللرمثا يردُّ جميلا
أما معانُ فغُرَّةٌ في زهوِها تاهَ الزَّمانُ وأنجبَ التأصيلا
وجباهُ مؤتةَ والمزارُ تشامَخَتْ فخراً وراحتْ تنشرُ التّهليلا
فترابُها مزجَ الشَّهادةِ والعُلا واختالَ صرحاً للشّهيدِ جليلا
ولقلعةِ الكركِ الإباءُ إذا دعا داعٍ لِتأريخِ الحوادثِ قيلا
ولأرضِ عجلونِ النَّديةِ أسلمتْ شمُّ الرِّياضِ أريجها المأمولا
وعيونُ ماعين الحميمةِ ثرَّةٌ غسلتْ همومَ القاصدينَ غسيلا
وبماءِ راحوب الجمالُ متيَّمٌ وببيتِ رأسٍ قد أناخَ ذلولا
وبِأمِّ قيسٍ لا تغادِرُ برْهَةً إلّا وتبصِرَ للجلالِ مُثُولا
وإذا طلبْتَ من الجمالِ مُحالَهُ جاءتْكَ بتراءُ الصُّخورِ بتولا
فجدودنا الأنباطُ أعلوا شأنَها وبنوا رؤاها للخلودِ مثيلا
فبكلِّ شبرٍ من ترابِكَ موطني وبكلِّ سطرٍ قد عشقتُ نبيلا
****
هذا قليلٌ من كثيرٍ موطني فالبحرُ لا يستعذِبُ التّفصيلا
فإذا رسمتُ جديلةً لحبيبتي وتركتُ أخرى حائراً وخَجُولا
فلقدْ ذكرتُ من النّجومِ ذُبالةً وتركْتُ ثَمَّ أيائلاً وخُيولا
معن سناجله