هل انعطب "الترجمان" بين النظام ومعان؟

جفرا نيوز-إبراهيم قبيلات

لماذا معان؟ معان ليست مختلفة عن اخواتها.. لكن الحوار معها هو المختلف.

في الوقت الذي وجد فيه الكركيون منبرهم القومي، وانخرط أهل الجبل من بني حميدة في اليسار، وراوح أهل الشمال بين الإخوان والقوميين واليسار، لم يعثر المعانيون على أرضية فكرية يقفون عليها وتنسجم مع محيطهم الاجتماعي سوى السلفية.

السلفية التي ارتداها المعانيون ليست تلك العلمية ولا تلك "الحركية" المنضوية تحت عباءة الأنظمة العربية، كما هي الحال في شكل السلفية السعودية" المهادنة"، بل نسج المعانيون شكلاً اجتماعيا لسلفيتهم، عبروا فيه عن أنفسهم حينا بالتيار الجهادي وأخر بما يشبهة التيار الحركي رغم انهم ليسوا "حركيين" بالمعنى التنظيمي.

انفتحت المجتمعات المحلية في الأردن على الكثير من الأفكار السياسية والثقافية سواء في الشمال او الجنوب، لكن لأسباب عدة لا سبيل لحصرها الان، أغلقت معان نوافذها في وجه كل جديد قادم من خارج المملكة سواء اكان اجتماعيا او ثقافيا أو سياسيا.

تلك المناخات مجتمعة هي ما أعطب ترجمان الحوار بينهم وبين النظام، فكان سوء الفهم حينا، وفي احيان كثيرة الصدام عنوان "للحوار بينهم".

يأتي ذلك اليوم للمفارقة، وللمعانيين الفضل في وضع حجر الأساس للدولة الأردنية بداية القرن الماضي.. وهذا ما يشفع لهم لكن ليس طوال الوقت..معان بالنسبة للنظام "السياسي" كانت محطة وانتهت.

معان انتهت بالنسبة للنظام سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وهذا ما عبر عن نفسه في المحافظة المنسية تنمويا.

معان ليست مختلفة عن شقيقاتها المحافظات الأخرى، والمعانيون ليس أقل علما وذكاء وثقافة.. لكنهم هُمِشوا فانغلقوا.

النظام بعد خروجه من معان وتمدده في محافظات المملكة نسي فضل معان..فما كان منها كرد فعل إلا وأطبقت على نفسها اجتماعيا وتدريجيا انسحب انطباقها سياسيا واقتصاديا.

أشغلت الصحراء المعانيين وانشغلوا بها قرابة ثمانين عاما، فبنوا لأنفسهم خاصية امتازوا بها عن مواطنيهم من الاردنيين، شكلت عقبات في التعاطي مع المجتمعات المدنية في الوسط.

هل يشعر المعاني وهو يتجول وسط العاصمة بالراحة؟ هل هذا المجتمع "العاصمة" حاضنة له؟ الإجابة تكتمل حين يشير المعانيون إلى بون التنمية بينهم وبين المركز.

إننا نتحدث عن مكانين جغرافيين لا يرتبطان بهوية ووطن ووجواز سفر ومستقبل.. حري لاهل معان أن يشعروا بالأسى جراء نسيان النظام لهم طوال هذا الوقت، لكن هذا ليس كل شيء، هم أيضا قصروا بحق انفسهم بموافقتهم على الانغلاق.

على خلفية كل ما سبق يمكن فهم ما يجري في المدينة المنكوبة اليوم، الاحداث تكاد تزهق اسئلة محيرة للجميع ... حتى للمعانيين انفسهم.