العنف بين النواب ... نواب يدافعون عن النسور في مواجهة منتقديه بدافع مناطقي وجغرافي .. والسعود القاسم المشترك
جفرا نيوز - ارتفعت وتيرة العنف البرلماني في مجلس النواب السابع عشر بشكل ملحوظ وغير مسبوق قياسا بالمجالس النيابية الماضية، وخلال الاشهر الثلاثة الاولى من عمر الدورة غير العادية الاولى لمجلس النواب الحالي فان عدد المواجهات العنفية واللفظية بين النواب تجاوزت بكثير ما شهدته مجالس نيابية سابقة.
لقد تم تسجيل 11 مشاجرة ومواجهة تحت القبة وخارجها بين النواب انفسهم، وبعضها وصل الى مستويات قياسية من خلال محاولة استخدام السلاح، وصولا الى المواجهة الاخيرة التي جرت امس الاحد تحت القبة عندما وصل النواب لبعضهم البعض وتبادلوا اللكمات في حالة لم تحدث من قبل، فقد كانت كل المواجهات تتم عن بعد ولم يحدث ان وصلت الى حدود الاشتباك .
ويلاحظ ان وتيرة العنف البرلماني ارتفعت بشكل لافت وصولا الى إمكانية وصفها بـ"الظاهرة" منذ مجلس النواب السادس عشر الماضي الذي شهد هو الاخر اكثر من 11 "مواجهة" كان القاسم المشترك" فيها النائب يحي السعود.
وفي المجلس السابع عشر الحالي فان عدد المشاجرات داخل القبة وخارجها لم تقتصر على النائب يحي السعود، فقد شاركه فيها نواب اخرون الا ان السعود يبقى هو القاسم المشترك في كل تلك المشكلات التي تحولت الى عامل مهم في انخفاض شعبية المجلس وتحوله الى مجرد مكان يثير سخرية الناخبين والاردنيين.
وفي المجلس الحالي فان معظم "المواجهات " بين النواب كانت بسبب رئيس الورزاء د. عبد الله النسور، لوجود مجموعة من النواب تتبنى الدفاع عن د. النسور تحت أي ظرف، وتتدخل بشكل مباشر ضد نواب يوجهون انتقاداتهم لرئيس الوزراء.
وفي الاسبوع الماضي تصدى النائب طلال الشريف لهذه الظاهرة ونقدها عندما قال تحت القبة ان هناك مجموعة تريد منعنا من الكلام وانتقادتنا لرئيس الوزراء، فما كان من النائب شادي العدوان أن قام بتهديد النائب الشريف ووجه له شتائم معيبة وسط تهديد بالضرب.
وبالامس كانت ذات الاسباب هي التي دفعت بالنائب يحي السعود للاعتداء بالضرب على النائب معتز ابو رمان عندما انتقد السعود كلاما لرئيس الوزراء ليتدخل ابو رمان محاولا الدفاع عن رئيس الوزراء باسكات النائب السعود.
تلك المشكلات التي بدات تتكرر بشكل كبير وفي طريقها لتصبح ظاهرة خطرة تكشف عن مدى حجم الصراع والانقسام الداخلي في مجلس النواب على شخصية رئيس الوزراء تحديدا وليس على الفريق الحكومي، فقد اثبتت كل المشكلات السابقة ان الصراع والخلاف بين الناوب كان بسبب شخصية رئيس الوزراء وليس بسبب الحكومة.
والنواب الذين يتولون الدفاع عن رئيس الوزراء إنما يدافعون عنه شخصيا ولا يدافعون عن الحكومة، ويلاحظ ايضا ان معظم المدافعين عن رئيس الوزراء هم من السلط ومن محافظة البلقاء، مما يكشف عن ان هذا المعسكر النيابي يدافع عن النسور بصفته المناطقية بالدرجة الاولى، وبصفته القرابية بالدرجة الثانية.
وقد بدا يتكشف للنواب ان ر ئيس الوزراء وبالرغم مما يظهره من رفض ونقد لهذه الظاهرة الا انه يستند الى هذا المعسكر الذي يتولى الدفاع عنه تحت ظرف من الظروف وصلا الى الاستعداد للاشتباك مع الاخرين، وهو ما بدا واضحا في جلسة التصويت على الثقة بالحكومة فقد كان المعكسران يتواجهان بقوة تحت القبة بالرغم من اعلان النسور براءته مما جرى بعد ذلك.
وتكشف كل المعطيات ان استمرار هذه "المواجهات " في سياق ما بات يعرف بـ"ألعنف البرلماني" تحولت الى عامل هدم حقيقي لما تبقى من شعبية مجلس النواب، فضلا عن وضع الحكومة في مواجهة مباشرة مع النواب والناخبين، خاصة وان العشرات من النواب اصبحوا يشيرون الى ان رئيس الوزراء هو السبب.
والاهم ان الحكومة ستكون هي الخاسرة جنبا الى جنب مع مجلس النواب، وهذا ما دفع برئيس مجلس النواب سعد سرور لوصف ما جرى بأنه "معيب بحق مجلس النواب".
لقد تحول مجلس النواب بالدرجة الاولى الى مكان لاثارة النكات وتحول المجلس الى موضوع للتندر والنقد الساخر، مما يعزز من فقدان المجلس لأخر ما تبقى من هيبته الشعبية، فضلا عن تعزيز قناعة الناخبين والمواطنين بعدم تمثيل هذا المجلس لهم.
هذه الخسارة ربما تكون الاكثر تاثيرا على المجلس، فلم يعد يعد يتمتع بالغطاء الشعبي الذي كان يتمتع به قبلا، فضلا عن ان الحكومة هي الأخرى ستخرج بخسارة فادحة بعد ان تاكد للنواب انها عامل اساسي في صناعة وتعزيز "ظاهرة العنف البرلماني" تحت القبة وخارجها.
وفي النهاية فان هذه الظاهرة ستعمل على تعزيز الانقسام الخطر في مجلس النواب بين معسكرين احدهما يدعم النسور والاخر ينتقده، الى جانب ان كلا الطرفين لن يتورعا عن استخدام العنف اللفظي والجسدي للتعبير عن راي كل منهما وتوجيه الشتم والتحقير للجانب الاخر.