الحكومة تخرج بسواد الوجه.. كيف لولي العهد أن يوجه "الشنبات" للنظافة؟!
فرح حامد السمحان
مُستهجنة كثيرًا فكرة أن يصل ولي العهد الأمير الحسين للاجتماع مع فريق وزاري ومسؤولين "بشنبات"؛ للحديث عن النظافة العامة في الشوارع، والإلقاء العشوائي للنفايات، مع العلم أن النظافة وأن بدأت فالأصل أن تخرج من نطاق الحاويات، إلى النظافة في أروقة الوزارات من الفساد والترهل وتكسير مجاديف المواطنين الذين تكسر الجرة على رؤوسهم فور أي تنبيه، فكيف ستكون المواجهة مع الشارع إذا ما كان التوجيه من قنوات أعلى من سقف رئيس الوزراء، وباجتماع كان فيه ولي العهد صارمًا ، وبدا الانزعاج والغضب على ملامحه.
ولي العهد في الاجتماع الذي عقد للجنة التحضيرية المعنية بالبرنامج التنفيذي لاستراتيجية النظافة والحد من الإلقاء العشوائي للنفايات، وأكد فيه الرئيس جعفر حسان أن الحكومة ستبدأ بتنفيذ محاورها، والإشارة إلى أنها ليست حملة مؤقتة، شعر متابعون أن أمانة عمّان الجهة التي تقع في واجهة الحدث "وسوس البلاء" كما يقال، تنتظر التوجيه من الرئيس الذي قال سنبدأ، وما يعني أنه ما قبل الاجتماع مع ولي العهد كانت الشوارع مكب نفايات، وكأننا بيروت في فترة من الفترات، مع العلم أن الأوضاع الأمنية والسياسية هناك كفيلة بالحد من غياب النظافة العامة، لكن ما حجة المسؤولين أصحاب التصريحات الرنانة، وكل الأدوات متوفرة، والإمكانات متاحة أمامهم ، فما الذي يمنعهم إذًا من الخروج إلى الشوارع في عمّان الشرقية مثلا، هل يعرفونها أصلا وأمام بيوتهم يشبه تجمعات سكنية في أرقى الدول وأفخمها، وكيف سيعرفون شكل الحاويات بجانب سبيل الحوريات في وسط البلد، والحال في الجبال السبعة، والمخيمات وغيرها.
السؤال الوجيه المُشرعن، لماذا لم يكشف من تواجدوا في الاجتماع مع ولي العهد عن أسباب المشكلة الحقيقة، لماذا لم يعترفوا صراحة إن كان هناك نقص في عدد الحاويات ومستلزمات النظافة لدرجة أن بعض السكان يشتكون من عدم وجود حاويات، وأن وجدت تكون النفايات والقذارة لبابها ولا تتسع للمزيد، وكم يخصص لها من موازنة الأمانة التي تقدر بالملايين، وهل يُعاد التدوير كما الدول الأخرى التي تحترم نفسها؟، ثم أنه وبعد التوبيخ المنمق من ولي عهد الملك، فالأجدر أن يُخصص للنظافة العامة في شوارع المملكة وليس عمّان فقط موازنة خاصة، على الأقل ستكون أنفع وأكثر بركة من مخصصات الرواتب التي يأخذها الجماعة إياهم ، وهم لا يهشون ولا ينشون، فقط عالة وعبء على الخزينة.
لا يمكن حصر المشكلة التي يعاني منها المتعثرون بالعاصمة وكل محافظات المملكة بنهج المسؤولين في الإدارة؛ لأنه عند نزع فلان من موقعه بسبب التقصير، ما الذي يضمن حينها أن خليفته سيعمل كما يجب طالما أن الفساد سيد المشهد، وكيف سيتغير الحال والحكومة حلها الوحيد هو التفكير في فرض المخالفات، وهو ما أعلنه أمس إبان الاجتماع الساخن، وزير البيئة أيمن سليمان، بإن قيمة مخالفات الرمي العشوائي للنفايات ستصل إلى 500 دينار العام المقبل، وهي بشرى حكومية سيفتتح بها الأردني عامه ، وسط "ذعر ومغص" من حجم المخالفات والكاميرات التي لا ترحم، مع العلم أن حديث ولي العهد كان واضحًا بضرورة أن تصبح النظافة وازعًا أخلاقيًا، وتشاركية بين المؤسسات والمواطن، لا وسيلة جديدة للجباية.