شِعرُ العلماء… وتحليلُ المجلس

بقلم د. مأمون سليمان

قد يبدو العنوان للوهلة الأولى غير مترابط:
ما علاقة الشعر ببرنامج رياضي يُعنى بتحليل مباريات كرة القدم في قنوات الكأس؟

برنامج المجلس يقوم في فكرته على استضافة مجموعة من المحللين الرياضيين، غالبًا من الدول المشاركة في البطولة، ممن يملكون خبرة طويلة في كرة القدم، سواء كلاعبين سابقين أو كصحفيين مخضرمين.
لكن السؤال الجوهري ليس: هل يعرفون كرة القدم؟
بل: هل يُجيدون تحليلها؟

قديمًا، إذا أراد النقّاد أن يعيبوا شعر شاعر، قالوا: هذا شعر علماء.
والمراد بذلك أن العلماء، بحكم معرفتهم بعَروض الشعر وقواعده، يستطيعون نظم أبيات صحيحة وزنًا وقافية، لكنها تخلو من الروح، ومن الإحساس، ومن الشعرية الحقيقية.
كلمات مرصوفة بإتقان… بلا شعر.

وهنا تتضح العلاقة.

فكثير من محللي المجلس يعرفون قوانين اللعبة، وتاريخها، وتفاصيلها الفنية، لكنهم – في لحظة التحليل – يضيعون.
لأن التحليل ليس معرفةً فقط، بل احتراف.
والاحتراف يعني: نزاهة، وشفافية، وانضباط، وقدرة على قراءة الحدث بعيدًا عن الأهواء والانتماءات.

ما نشاهده في كثير من حلقات المجلس هو تحليلٌ تحكمه اعتبارات شخصية، أو مجاملات، أو تصنيفات مسبقة، بل وأحيانًا نزاعات مباشرة بين أعضاء المجلس أنفسهم، وصلت في أكثر من مناسبة إلى خروج محللين على الهواء بسبب صراعات داخلية وتحالفات خفية.

هذا ليس تحليلًا احترافيًا، بل نقاش بلا روح.
كما أن شعر العلماء شعرٌ بلا شاعرية، فإن هذا النوع من التحليل هو تحليلٌ بلا رؤية.

فالتحليل الذي يخلو من النزاهة والشفافية، ينتهي دائمًا إلى كونه تحليل المجلس.
كما أن الشعر الذي يخلو من الإحساس، يبقى… شِعرَ علماء.