خبراء: صدور الإرادة الملكية لموازنة 2026 يعزز الاستقرار المالي

أكد خبراء اقتصاديون أن صدور الإرادة الملكية بالموافقة على قانون موازنة 2026 يثبّت «خارطة الطريق المالية» للعام القادم ويمنح الأسواق والقطاع الخاص وضوحًا أكبر.

ولفت الخبراء إلى أن الموازنة تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، حيث تتوقع نموًا اقتصاديًا بنسبة 2.9% في 2026، مع إمكانية الوصول إلى 4% بحلول نهاية 2028، من خلال تحفيز الاستثمار والإنتاجية والتوظيف، وضمان استقرار اقتصادي كلي مع انخفاض التضخم إلى حوالي 2%.

وصدرت الإرادة الملكية السامية، أمس الأحد، بالموافقة على قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2026، وفق الجريدة الرسمية.

وقدرت الحكومة في مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2026 الإيرادات العامة بنحو 10.931 مليار دينار، منها 10.196 مليار دينار إيرادات محلية، و735 مليون دينار منح خارجية، بحسب وزير المالية.

وأوضح الوزير أن الناتج المحلي الإجمالي من المتوقع أن ينمو بالأسعار الثابتة بما لا يقل عن 2.9% لعام 2026، كما يتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الإسمي بنسبة 5.4%، مضيفًا أن معدلات التضخم ستبقى معتدلة عند 2%.

وبين الوزير أن الإيرادات المحلية تغطي نحو 89% من النفقات الجارية، فيما انخفض عجز الموازنة بعد المنح إلى نحو 2.125 مليار دينار، في حين بلغ صافي العجز لجميع الوحدات الحكومية 671 مليون دينار.

ولفت إلى أن النفقات الجارية لعام 2026 قدّرت بنحو 11.456 مليار دينار، بزيادة نسبتها 5.1% مقارنة بعام 2025، بينما بلغت النفقات الرأسمالية نحو 1.6 مليار دينار بارتفاع نسبته 16.8%، في خطوة تهدف إلى تعزيز النمو وتحفيز الاستثمار.

وتضمنت الموازنة 396 مليون دينار لمشاريع رؤية التحديث الاقتصادي، و60 مليون دينار لمشروع الناقل الوطني للمياه، و35 مليون دينار لمشاريع التنقيب عن غاز الريشة، إضافة إلى 210 ملايين دينار لدعم وتنمية البلديات.

وأوضح وزير المالية أن الحكومة خصصت 124 مليون دينار لتأمين علاج مرضى السرطان، و171 مليون دينار لدعم الخبز والسلع الاستراتيجية، إلى جانب 80 مليون دينار لدعم أسطوانة الغاز.

وأشار الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة إلى أن صدور الإرادة الملكية يعني أن الملك عبد الله الثاني قد أعطى التصديق النهائي على القانون، الذي أقره مجلس النواب في 11 ديسمبر 2025 بأغلبية الأصوات، ثم مجلس الأعيان في 18 ديسمبر 2025 دون تعديلات، ليصبح قانونًا رسميًا ساري المفعول.

ولفت مخامرة إلى أن الإرادة الملكية، التي صدرت اليوم 21 ديسمبر 2025، تُعد الخطوة الدستورية الأخيرة في عملية إقرار الموازنة وفقًا للمادة 112 من الدستور الأردني، حيث يتم نشر القانون في الجريدة الرسمية ليصبح نافذًا اعتبارًا من 1 يناير 2026، في سياق جهود الحكومة لمواجهة التحديات الاقتصادية الإقليمية والعالمية مع التركيز على رؤية التحديث الاقتصادي.

وأضاف مخامرة أن الحكومة الأردنية تهدف من خلال موازنة عام 2026، التي تعد الأكبر في تاريخ الأردن بإجمالي إنفاق يقدر بـ13.056 مليار دينار (زيادة بنسبة 6.4% عن 2025)، إلى تحقيق توازن نسبي بين ضبط الإنفاق وتحفيز النمو الاقتصادي، مع التركيز على حماية الفئات ذات الدخل المحدود والضعيفة، وتعزيز الاستقرار المالي، ودعم القطاعات الإنتاجية، وتسريع تنفيذ المشاريع الكبرى، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ودعم القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، ضمن رؤية التحديث الاقتصادي.

وبين أن الموازنة تساهم في دعم قطاعات محددة مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. ففي قطاع التعليم تشمل تمويلات لإنشاء مدارس جديدة وتوسعة المنشآت التعليمية. أما في قطاع الصحة، فقد خصصت له 785 مليون دينار إجمالًا، بما في ذلك 71 مليون دينار للمشاريع الرأسمالية مثل بناء مستشفيات ومراكز صحية جديدة وتوسعة المنشآت القائمة. وفيما يخص البنية التحتية، يرتفع الإنفاق الرأسمالي بنسبة 16.8% إلى 1.6 مليار دينار، مع التركيز على مشاريع استراتيجية في المياه والطاقة والنقل، بما في ذلك مشاريع استثمارية بقيمة 10 مليارات دولار مثل الناقل الوطني للمياه، وتوسعة السكك الحديدية، ومشروع غاز الريشة.

وأشار مخامرة إلى أن الموازنة تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، وتتوقع نموًا بنسبة 2.9% في 2026، مع إمكانية الوصول إلى 4% بحلول نهاية 2028، من خلال تحفيز الاستثمار والإنتاجية والتوظيف، وضمان استقرار اقتصادي كلي مع انخفاض التضخم إلى حوالي 2%. كما تركز على خفض العجز المالي إلى 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي (مقابل 5.2% في 2025)، وتقليل الدين العام إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2028، مع الحفاظ على فائض أولي لتعزيز الاستدامة المالية.

وأضاف أن الموازنة تواجه تحديات مثل الاعتماد الكبير على الإنفاق الجاري (88% من الإنفاق)، والحاجة إلى إصلاحات ضريبية لتعزيز التنمية المستدامة.

وقال ممثل قطاع الألبسة والمحيكات في غرفة صناعة الأردن، المهندس إيهاب قادري، إن صدور الإرادة الملكية يثبّت «خارطة الطريق المالية» للعام القادم ويعطي الأسواق والقطاع الخاص وضوحًا أعلى، مشيرًا إلى أن قراءة بنية الموازنة توضح هوامش الحركة الاقتصادية.

وأضاف قادري أن إجمالي الإيرادات المقدّرة يبلغ 10.93 مليار دينار مقابل نفقات 13.06 مليار دينار بعجز 2.13 مليار دينار، مع ثقل واضح للنفقات الجارية (11.46 مليار دينار) وفوائد الدين العام 2.26 مليار دينار (قرابة 17% من إجمالي النفقات)، ما يعني أن المساحة المتاحة للإنفاق التحفيزي محدودة، وأن «جودة الإنفاق» تصبح أهم من «حجم الإنفاق».

ولفت إلى أن النفقات الرأسمالية 1.6 مليار دينار (حوالي 12% من النفقات)، وأن المشاريع الجديدة تبلغ 144 مليون دينار فقط مقارنة بالمشاريع المستمرة وقيد التنفيذ، ما يشير إلى توجّه يفضّل إكمال المشاريع وتعظيم أثرها بدل فتح التزامات جديدة غير ممولة بالكامل.

وأشار إلى أن الرسالة الاقتصادية الثانية هي أن عام 2026 هو عام «إدارة التمويل» بامتياز، حيث تُظهر موازنة التمويل احتياجات وحركة تمويلية تقارب 9.81 مليار دينار، جزء كبير منها لإطفاءات وإعادة تدوير الدين الداخلي والخارجي (منها إطفاءات الدين الداخلي 4.416 مليار دينار، إضافة إلى سندات وقروض بعملات أجنبية وسندات محلية بالدولار).

ولفت إلى أن نجاح الموازنة لن يُقاس فقط بإقرارها، بل بقدرة الحكومة على خفض كلفة الاقتراض عبر إطالة آجال الدين وتحسين مزيج التمويل، وتحويل الإنفاق الرأسمالي إلى مشاريع ذات أثر مضاعف على الإنتاجية (مياه/طاقة/نقل/لوجستيات) مع إشراك القطاع الخاص وزيادة المحتوى المحلي، وهو ما يترجم الموازنة من «أرقام انضباط» إلى نمو وفرص عمل بما يتوافق مع رؤية التحديث الاقتصادي.

وأكد أمين سر جمعية الصرافيين الأردنيين، علاء ديرانية، أن صدور الإرادة الملكية يجعل موازنة 2026 قانونًا رسميًا ساري المفعول.

الرأي - سيف الجنيني