المنتخب الأردني… حالة وطنية لا تُجادَل


ماجد السيبية

يشكّل المنتخب الأردني لكرة القدم حالة وطنية نادرة في المشهد العام، إذ ينجح في جمع الأردنيينَ على اختلاف آرائهم وتوجهاتهم حول قيمة واحدة هي حب الوطن. ففي الوقت الذي تتباين فيه المواقف تجاه قضايا متعددة، تبقى كرة القدم مساحة جامعة تتجاوز الانقسام وتعيد إنتاج الشعور بالهوية المشتركة.
لم تعد كرة القدم في العصر الحديث مجرد نشاط رياضي، بل تحولت إلى عنصر ثقافي واقتصادي مؤثر في حياة الشعوب. ووفق تقارير اقتصادية رياضية دولية، تتجاوز القيمة الإجمالية لصناعة كرة القدم عالميًا 500 مليار دولار سنويًا، تشمل حقوق البث والرعاية والإعلانات والسياحة الرياضية، ما يجعلها من أكبر الصناعات الترفيهية في العالم.
وخلال البطولات القارية والدولية، تسجل محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات البحث عن الدول المشاركة، إذ تشير دراسات تسويق رياضي إلى أن الاهتمام الرقمي قد يرتفع بنسبة تتراوح بين 30 و50 بالمئة خلال فترات المنافسة. هذا الحضور لا ينعكس فقط على الرياضة، بل يمتد إلى صورة الدولة، وسياحتها، وثقة الجمهور الخارجي بها.
في هذا السياق، يلعب المنتخب الأردني لكرة القدم دورًا يتجاوز المستطيل الأخضر، إذ يتحول اللاعب إلى سفير غير رسمي للوطن، يقدّم الأردن من خلال الأداء والانضباط والسلوك قبل النتائج. فكل مشاركة خارجية تعني حضورًا إعلاميًا واهتمامًا دوليًا يصعب تحقيقه بوسائل الترويج التقليدية وحدها.
ثقافيًا، تمثل الرياضة أحد مظاهر الحضارة المعاصرة، وأداة فاعلة في بناء الانتماء وتعزيز الثقة لدى الشباب. أما اجتماعيًا، فيمنح المنتخب لحظات فرح جماعي في ظل تحديات اقتصادية ومعيشية متزايدة، ويعيد التذكير بقيمة العمل الجماعي والنجاح المشترك.
من هنا، فإن النظر إلى المنتخب الأردني يجب أن يتجاوز منطق الفوز والخسارة، ليُفهم باعتباره مشروعًا وطنيًا يحتاج إلى تخطيط واستثمار واستقرار إداري. فحين تُدار كرة القدم بعقل مؤسسي ورؤية طويلة المدى، تتحول من حدث رياضي مؤقت إلى قوة ناعمة مستدامة تعكس صورة الوطن وتعزز حضوره إقليميًا ودوليًا.