الحصاد المائي.. حلول استراتيجية لتعزيز الأمن المائي

في ظل موسم مطري متذبذب وتحديات مائية متراكمة، يتجه الأردن إلى تعزيز نهج حصاد مياه الأمطار كخيار استراتيجي لمواجهة شح المياه، وتقليص الفاقد، وبناء مخزون مائي داعم للاحتياجات الزراعية والمعيشية، لا سيما في المناطق الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية.

وتُظهر الأرقام الرسمية تصاعد وتيرة تنفيذ مشاريع الحصاد المائي، إذ تعمل وزارة المياه والري على إنشاء 10 آلاف بئر جمع مياه في مناطق الجنوب، إلى جانب ألف بركة زراعية بسعة ألف متر مكعب للبركة الواحدة، وعلى نفقة الوزارة في محافظتي الطفيلة والكرك، فيما لا تزال الأعمال جارية في عدد من المواقع.

وفي هذا السياق، يؤكد الناطق الإعلامي باسم وزارة المياه والري عمر سلامة أن هذه المشاريع «تأتي ضمن الاستراتيجية الوطنية للمياه، وتهدف إلى تعزيز المخزون المائي المحلي وتمكين المجتمعات من الاستفادة المباشرة من مياه الأمطار، خاصة في المناطق البعيدة عن مصادر التزويد التقليدية».

حفائر وسدود صحراوية.. تخزين ذكي للمياه

وبحسب بيانات الوزارة، فقد أنجزت 630 حفيرة وسدًا صحراويًا مخصصة لحصاد مياه الأمطار، وبسعة تخزينية إجمالية تصل إلى 130 مليون متر مكعب، ما أسهم في دعم النشاط الزراعي وتوفير مصادر مياه إضافية للثروة الحيوانية.

ويشير سلامة إلى أن «الوزارة تعتمد دراسات فنية وهيدرولوجية دقيقة عند اختيار مواقع الحفائر والسدود الصحراوية، لضمان أعلى كفاءة ممكنة في تجميع المياه وتقليل الفاقد».

السدود الكبرى ودورها الاستراتيجي

وعلى مستوى التخزين الاستراتيجي، يبلغ عدد السدود في المملكة 16 سدًا، بسعة تخزينية إجمالية تُقدّر بنحو 288 مليون متر مكعب، تشكل العمود الفقري لإدارة الموارد المائية، وتوفير المياه لأغراض الشرب والزراعة.

ويوضح سلامة أن «السدود الكبرى تشكل ركيزة أساسية في المنظومة المائية الوطنية، إلا أن الحصاد المائي اللامركزي بات مكملًا ضروريًا لها، خاصة في ظل التغير المناخي».

تنفيذ سنوي وخطط مستدامة

وتنفذ الوزارة سنويًا، من خلال سلطة وادي الأردن، ما معدله 15 حفيرة جديدة بسعات مختلفة، تتراوح بين 50 ألف متر مكعب ونصف مليون متر مكعب، وفق احتياجات المناطق وطبيعتها الجغرافية.

ويؤكد سلامة أن «تعزيز ثقافة حصاد المياه مسؤولية وطنية مشتركة، تتطلب شراكة فاعلة بين الحكومة والمواطنين والمؤسسات، لضمان استدامة الموارد المائية للأجيال المقبلة».

نحو الاكتفاء المائي النسبي

ويرى سلامة أن التوسع في مشاريع الحصاد المائي، إلى جانب تحسين كفاءة الاستخدام والحد من الفاقد، يمثل مسارًا واقعيًا لتحقيق اكتفاء مائي نسبي على المدى المتوسط، وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية المحدودة.

الرأي - عبدالله الحديدي