خارطة الكنائس القديمة في عمان تفاصيل
محمود كريشان
شكلت الأرض الأردنية عبر عصور التاريخ جزءاً مهماً من الأراضي المقدسة التي شهدت مهد الديانات السماوية، ومنطلقاً ومعبراً ومستقراً للكثير من الأنبياء والرسل والأولياء والصالحين الداعين الى ديانة التوحيد بالخالق عز وجل، فمن شمال الأردن مر متوجهاً نحو فلسطين نبي الله إبراهيم عليه السلام برحلته من (اور) في جنوب العراق، كما كانت الأرض الأردنية كما تروي (التوراة) معبراً لنبي الله موسى عليه السلام من مصر الى الجزيرة العربية، حيث عمل لدى النبي شعيب عليه السلام وفي المياه الأردنية عمد السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان (النبي يحيى عليه السلام) وعبر الى بر الأردن من منطقة أم قيس وجرت هناك إحدى معجزاته ووصل الى منطقة الكورة وجرت هناك معجزته بإطعام محبيه الخبز والسمك.
كما تشرفت الأرض الأردنية بعبور سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم حيث التقى الراهب النسطوري «بحيري» في منطقة الصفاوي، وتنتشر في الأردن أضرحة صحابة رسول الله من قادة الفتح الإسلامي في مؤتة والمزار وفي الأغوار الأردنية، او تحتضن هذه الأرض المقدسة في ثراها تراث العديد من الأنبياء والأولياء والصالحين.
وهنا.. نتوقف عند كتاب حول «عمارة الكنائس وملحقاتها في الأردن في العهدين البيزنطي والأموي» حيث تستعرض المؤلفة الدكتورة رندة قاقيش هذا الموضوع بقولها في المقدمة: ‹›لقد شهدت الاراضي التي تشكل اليوم المملكة الاردنية الهاشمية في القرن الرابع الميلادي وحتى منتصف القرن الثامن الميلادي ثلاث ظواهر هي: الاستقرار السكاني والازدهار الاقتصادي وانتشار المسيحية، وكان لإجتماع هذه الظواهر معا اثر حاسم في بروز نشاط كثيف في بناء الكنائس في البلاد.
وعن الكنائس الاثرية القديمة في محافظة عمان تقول الباحثة الاثارية د. رندة قاقيش: في عمان القديمة (فيلادلفيا) أتى التوسع العمراني الحديث السريع على جزء كبير من المخلفات المعمارية، خاصة الرومانية البيزنطية، فقد اندثرت الكنيسة الاولى (كاتدرائية) والتي كانت تقوم وسط البلد في عمان بالقرب من سبيل الحوريات، فقد اندثرت كليا عام (1900) وكانت قد بنيت في القرن (15) او (16) الميلادي، وقد استخدم في بنائها حجارة كلسية من حجم متوسط، وسمك الجدران كان اقل من متر واحد.
اما الكنيسة الثانية فكانت تقوم على جبل القلعة عند الزاوية الجنوبية الغربية، كذلك الكنيسة التي كشف عنها عدنان الحديدي من دائرة الاثار العامة عام 1974 وكانت تقوم عند الزاوية الجنوبية من السوق العامة الرومانية، وكان قد بقي منها آنذاك محرابها فقط، كذلك على جبل القلعة (اكروبولس) الجزء الثاني من عمان القديمة والذي يشكل مركزا سياسيا واداريا ودينيا فقد قامت بعثة ايطالية بالتنقيب الجزئي على كنيسة قائمة شمال شرقي المعبد الروماني عام 1928 وقد اتم الباحث الاثاري فوزي زيادين التنقيب في الموقع لاحقا، كما كشف عن بقايا كنيسة ثانية تقوم على المصطبة السفلى للقلعة سماها بـ(الكنيسة السفلى).
وفي ضواحي عمان كشفت حفريات دائرة الاثار العامة الانقاذية عن كنائس في كل من :الصويفية، خلدا، الرابية، الجبيهة، ياجوز، البصة، القويسمة، رجم الكرسي، اللويبدة في دارة الفنون التابعة لمؤسسة خالد شومان ، حسبان التي تبعد عن عمان (20) كيلو مترا، الجبل الاخضر.
كنيسة القويسمة
عثر في الموقع على أرضيات فسيفسائية وهي من المحراب صورة طائرين بينهما آنية وزخارف هندسية، وصور صياد وعازف ناي وراع ونجار وتعرضت الصور هذه للتخريب.. ثم وجدت كتابات ناقصة بسبب التخريب منها مثلا: (لخلاص وسلام وطول حياة سيدنا ‹›اسطفان››، وفي القويسمة كنيسة اخرى وهي الكنيسة السفلى وقد وجدت فيها امام المحراب كتابة تقول : ‹›يا رب اعن هذه القرية››.. هذا ومن الواضح ان البناء الاصلي للكنيسة يعود للعهد البيزنطي واستمر استخدامه في العصر العباسي.
كنيسة خربة الكرسي
وجدت ثلاث كتابات عند الدرجة المؤدية للهيكل واثنتان في الهيكل وهي باليونانية والسريانية، دعاء لخلاص انسطازيوس وزوجته، ودعاء آخر للكاهن يوحنا والراهب يوحنا، ونقش ثالث بقي منه ‹›ببركة الثالوث المقدس جدد ورصف بالفسيسفاء هذا البناء، زمن التقي ومحب المسيح الأسقف توما.
كنيسة اللويبدة
تقع في دارة الفنون بجبل اللويبدة وهذه الكنيسة تم بناؤها على شكل صليب غير متساوي الأضلاع، واستخدمت في بنائها حجارة كلسية وأعمدة كورنثية، وقد رصفت أرضيات المحراب والصحن بألواح من الرخام الملون، ويتبع البناء كهف إلى الشمال، وقد عثر سنة (1908) في هذا الموقع على نقش باليونانية على لوح رخامي نصه: (بمشيئة الله وبرغبة كاهن كنيسة القديس جاورجس المتواضع من أجل الصحة وطول العمر لحاكمنا وعرفانا بسخائه تم بناء هذا المعبد في عهد قداسة الأسقف بوليقتوس ورعاية تالاساميكا. هذا وقد أرخت هذه الكنيسة في القرن (16).
كنيسة صافوط
سجل وجود قطع معمارية تبقت من كنيسة وأرضية فسيفسائية دمرت لاحقا، وذلك قرب الكنيسة الحديثة للروم الأرثوذكس في قرية صافوط محافظة عمان.
كنيسة خلدا
عثر في هذا الموقع على أرضيات فسيفسائية في الجهة الشمالية شكل إناء تنبثق منه تفريعات الكرمة، وحوله غزلان.. والجناح الشمالي مقسم إلى أربع لوحات الأولى ويظهر فيها طاووسان وإناء وتشخيص للأرض والثانية فيها حيوانان متقابلان على جانبي شجرة نخيل.. الخ.
كنيسة ياجوز
استخدمت في إنشاء هذا البناء قطع حجرية من مبان رومانية أقدم منها: تيجان الأعمدة، الاسطوانات والقواعد والأعتاب العليا، والجدران من صفي حجارة بينهما ملاط ودبش . هذا وقد عثر في الموقع على تيجان كورنثية نحتت عليها أشكال رؤوس بشرية ضربت ملامحها.
كنيسة اليادودة
عند الكشف عن الكنيسة كان قد بقي منها كتابة الإهداء باليونانية على الأرضية الفسيفسائية وقد تعرضت لاحقا للدمار، ونص الكتابة : (في عهد المحبوب من الله الأسقف الورع ‹›ثودوس›› رصفت الأرضية بعناية الشماس ‹›سيلانوس›› في شهر جوربايوس زمن الاندكتي الحادية عشر سنة (65) من أجل خلاص المتبرعين لهذا المكان المقدس.
ويوجد في الكتاب القيّم استعراض لمعظم الكنائس القديمة في الأردن.