مدير هيئة تنشيط السياحة: منصب سيادي مؤجَّل في لحظة لا تحتمل التأجيل

الدكتور نضال المجالي


يُعدّ منصب مدير هيئة تنشيط السياحة في الأردن من أخطر وأهم المواقع العامة ذات البعد الاقتصادي والسيادي، فهو الموقع الأردني الوحيد المسؤول عن تسويق المملكة خارجياً، وبناء صورتها في الأسواق العالمية. خطورة هذا المنصب تتضاعف اليوم لأننا مقبلون على عودة واضحة للحياة السياحية، وبداية موسم سياحي قريب، في لحظة تحتاج فيها الدولة إلى قيادة مهنية حاضرة لا إلى إدارة مؤقتة أو فراغ صامت.

المسؤولية الأولى لمدير الهيئة لا تبدأ بحملة إعلانية، بل بإدارة منظومة داخلية تحتاج إعادة ضبط مصنعية قبل أي تحرك خارجي. الهيئة تعمل عند تقاطع مصالح حكومية وخاصة ومجتمعية، وأي خلل في الحوكمة أو وضوح الأدوار سينعكس مباشرة على الأداء في الخارج، مهما كانت الظروف مواتية. واليوم، الظروف مواتية فعلاً: مشاركة الأردن في كأس العالم بما يحمله من حضور دولي، وتشغيل مطار مدني جديد يفتح نوافذ وصول غير مسبوقة، إضافة إلى قرب انتهاء ولاية مجلس سلطة إقليم البتراء، بما يحمله ذلك من ضرورة لإعادة موضعة أهم مقصد سياحي في المملكة.

في المقابل، فإن حجم التحديات لا يقل عن حجم الفرص. فالموازنة المتاحة للهيئة أقل مما كانت عليه في أعوام سابقة، ما يتطلب مديراً يمتلك قدرة عالية على تعظيم الأثر، وبناء الشراكات، واستثمار كل دينار بذكاء. من هنا، يصبح واضحاً أن السياحة ليست مهنة بل منظومة، ولا يمكن قيادتها إلا بشخصية جمعت خبرة حقيقية غي مؤسسات المجتمع المدني الأردني، والقطاع الخاص، والقطاع العام، وفي أكثر من مجال إلى جانب ان يكون الاسم رقما هاما بمجرد ذكر اسمه، لنضمن القبول المحلي قبل الدولي، فيكون الإسناد حقيقيا للوزن لا القرب والمعرفة للمسؤول.

القلق الحقيقي لا يكمن فقط في تعقيد المرحلة، بل في تأخر اختيار مدير جديد للهيئة رغم مرور فترة ليست قصيرة على انتهاء عمل المدير السابق. هذا التأخير يحدث في توقيت لا يحتمل الفراغ، حيث تتسابق الدول لاستعادة حصتها من السياحة العالمية.

ما يطمئن هو وجود وزيرا للسياحة يدير المرحلة بامتياز بالرغم من التحديات ويعلم حساسية واهمية الأمر، وقد يكون التأخير لضمان جودة المخرج النهائي سواء بنظام جديد او بالإدارة الجديدة، وكل ما نتمناه فقط ان يكون القادم استحق كل هذا التأخير!