رئاسة الصفدي حاربت "الورم الخبيث" .. "قولوا ما لكم وما عليكم"!
محرر الشؤون البرلمانية
مع بقاء أقل من 24 ساعة لافتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة ، وحسم مقعد الرئاسة و شكل المكتب الدائم، فإنه لا يمكن تجاوز الدورة السابقة، والأحداث الساخنة جدًا التي رافقتها؛ إذ كانت رئاسة أحمد الصفدي وقتذاك فترة مفصلية لا يمكن نكرانها أو التجني عليها، سيما وأن الصفدي كان برلمانيًا قاد المجلس إلى مرحلة الهدوء والسيطرة التي كان من الصعب تنفيذها، في وقت كان فيه المجلس بمرحلة الغليان، على قرارات حكومية، وأحداث إقليمية وعالمية، ناهيك عن التركيبة الحزبية بوجود 41 مقعدًا للأحزاب، وهو ما فرض خصوصية معقدة ما كان ممكنًا التعامل معها، إلا برئاسة قديرة وبعقلية جامعة ، كتلك التي يملكها الصفدي.
كان واضحًا حجم الانتقادات التي تعرض لها الصفدي في إدارته للجلسات بالدورة العادية الأولى للمجلس العشرين، والبعض ممن "لا يُعجبه العجب"، لم يكن مقتنعًا بفكرة الإدارة الحكيمة التي حاول الصفدي تطبيقها، بمجلس صعب ومُرهق في مكوناته وفكرته، ولم يكن سهلًا أن يتعاطى الصفدي مع المشهد حينها بتراخٍ أو ضعف؛ لأنه بالمقابل ما كان ليقدر على إرضاء الجميع ، والشعرة الفاصلة بإدارة الصفدي للمجلس، كان تنتهي عند خط الوطن ومصلحته، والتي هي خط أحمر لا يمكن السماح لأحد بتجاوزه .
حرب غزة والتهديدات الإسرائيلية، أزمة الجماعة المحظورة، وقرارات اقتصادية دسمة، وغيرها من الملفات، استطاع الصفدي التعامل معها بكل سلاسة وحكمة، وكان من الرؤساء الذين تركوا انطباعًا لا بأس به، خاصة وأن الثقة الشعبية بمجلس النواب "متضعضعة" وهشة ؛ إذ لم يترك الصفدي عليه مثلبة أو أي تقصير يتعلق بشكل إدارة الجلسات على الأقل المهمة ، والتي ناقشت ملفات مصيرية، والأهم من ذلك أنه لم يكن يُجامل على حساب المصلحة العامة، وقدم الاحترام للجميع حتى الأعضاء الذين لا تجمعه معهم توافقات بالتوجهات والرأي ، ولم يقمع أحدًا إلا لتجاوزات حدها الوطن فقط.
الصفدي من الرؤساء الذين سيذكرون بالخير عند استرجاع الأوقات الصعبة التي مر بها الوطن، وكيف جابه مجلس النواب بصبغته الحزبية التي لم تكن سهلة ، ولمّت "الشامي على المغربي"، واللافت أيضًا أنه لم يمسح الجوخ للحكومة في أي جلسة من الجلسات، وكان ينبه الوزراء دومًا إلى أن احترام الجلسات وحضورها كاملة، من احترام هيبة المجلس ومكانته، وبالمحصلة لا يمكن اعتبار حب الوطن وقائدة "حبة زيادة" جريمة أو تهمة بالتملق، خاصة وأن الوطن في المرحلة السابقة كان بحاجة من الجميع وبمواقعهم المختلفة، إظهار حجم التعاضد والانتماء، مع وجود تهديدات خارجية، أقلها أن توصف "بالورم الخبيث".