الشيخ مطلق الحجايا يكتب: إكرام الميت دفنه
تطورت الدول المتقدمة ووصلت إلى ما وصلت اليه من تقدم فكري و اقتصادي وسياسي واجتماعي وعسكري وتكنولوجي من خلال ترسيخ اسس العدالة والمساواة وحرية الرأي وحرية الإختيار والمساءلة والمحاسبة وفصل السلطات
ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب بناءً على أسس متناهية الدقة في النزاهة والشفافية وبعيدا عن المحسوبية والقرابة والواسطة والمنافع المتبادلة
وهذا لا يمكن ان يتم إلا بوجود ممثلين للشعب يتمثل في برلمان حقيقي يمارس دوره التشريعي والرقابي على الحكومة بما يخدم الوطن والمواطن وهذا يعتمد أولا على مدى وعي المواطن في انتخاب من يمثله
وكوننا في المنطقة العربية بشكل عام لازال مقدار الوعي لدينا متدنياً ولذلك تكون الاختيارات على أسس عشائرية ومناطقية بحتة بعيدا كل البعد عن مؤشرات القوة والأمانة والمستوى العلمي والثقافي يعني على مبدأ كذاب ربيعة ولا صادق مضر
لذلك كانت رؤية جلالة الملك بإصلاح هذا الخلل في الاختيار من خلال تشكيل هيئة ملكية للإصلاح السياسي وكان من مخرجاتها القوائم الحزبية على مستوى المملكة حيث اعتقدنا ان هذه الأحزاب ستختار قوائمها على أسس الكفاءة والأمانة والقوة لكنها وللأسف رجعت إلى المربع الأول حيث الأنانية في الإختيار والعودة إلى العشائر فكانت قوائم خالية الدسم من الرؤية ومن البرامج
ومع هذا كان عندنا شيء من التفاؤل بتغيير النظرة النمطية الخدمية للبرلمان الأردني بوجود قوائم وتكتلات حزبية داخل البرلمان ينعكس أداؤها على الإداء التشريعي و الرقابي وعلى المستوى الاقتصادي للدولة والمعاشي للمواطن لكن للأسف لم نسمع ولم نشاهد إلا خطابا مكرراً خالياً من الدسم ولم نفرق بين نائب الحزب ونائب القائمة المحلية فجميعهم اقتصرت ادوارهم على حجز مواعيد لهم ولناخبيهم عند الوزراء والأمناء العامين والحكام الإداريين والمحاكم من اجل وظيفة او كفالة او قضية شخصية
هذا النتاج السلبي لمخرجات الاحزاب سينعكس سلباً على الإنتخابات القادمة وسيتراجع كثيراً مؤشر الثقة بالإحزاب ويتراجع معه الإقبال على الإقتراع وبالتالي سينعكس على مجمل عملية الإصلاح السياسي التي أمر بها جلالة الملك
وإذا إستمر أداء الأحزاب على هذا المنوال فيما تبقى من عمر المجلس فإنهم بهذا الأداء اطلقوا رصاصة الرحمة على الأحزاب وحينها إكرام الميت دفنه