ماهر أبو السمن... وزير على الطريق

محرر الشؤون المحلية

في وقتٍ تزدحم فيه المكاتب بالمعاملات وتتثاقل فيه الجداول بالاجتماعات، يختار وزير الأشغال العامة والإسكان، المهندس ماهر أبو السمن، أن يكون ميدانيًا أولًا... ومسؤولًا إداريًا ثانيًا. 

لا يكاد يمرّ يوم دون أن يُرى متنقّلًا بين مشاريع البنى التحتية شمالًا وجنوبًا، متفقدًا، متابعًا، وموجّهًا، حاملًا معه نهجًا حكوميًا واضحًا في العمل الميداني القائم على المتابعة المباشرة والرقابة الفعلية.


صباح في الشمال... وعصر في الجنوب

صباح هذا اليوم، كان أبو السمن في محافظة إربد، يتفقد سير العمل في مشروع الطريق الدائري، أحد أهم المشاريع التنموية في شمال المملكة، مستمعًا إلى شرح الفنيين، وموصيًا بسرعة الإنجاز مع ضمان الجودة. لم تمضِ ساعات حتى عاد إلى مكتبه في الوزارة، لمتابعة سير المعاملات الإدارية، وعقد سلسلة من الاجتماعات مع مسؤولي الوزارة، في مشهد يعكس توازنًا نادرًا بين العمل التنفيذي والميداني.

ومع ساعات ما بعد الظهر، شدّ الرحال جنوبًا، حيث تفقّد مشروع معالجة انزلاق طريق الموجب، أحد التحديات الجغرافية الصعبة التي تتطلب حلولًا هندسية دقيقة ومتابعة حثيثة، تأكيدًا على استمرارية الجولات الرقابية في مختلف مناطق المملكة.



من الميدان إلى الجوائز: قفزة نوعية على مؤشر النزاهة

تُوّج هذا الحضور الميداني والنهج المؤسسي الذي أرسته قيادة أبو السمن بنتيجة لافتة على مؤشر النزاهة الوطني، إذ أُعلن أمس عن حصول وزارة الأشغال العامة والإسكان على المركز الثالث عن فئة الوزارات، في قفزة نوعية غير مسبوقة.

الوزارة التي كانت تحتل المركز الـ25 في الدورة الأولى للمؤشر (2023-2024)، قفزت إلى منصة التميز خلال عامين فقط من قيادة الوزير أبو السمن، الذي ركّز على ترسيخ معايير الشفافية والحوكمة، وتعزيز أدوات الرقابة الداخلية، وربط الأداء المؤسسي بمعايير واضحة للمساءلة والنزاهة.

هذه القفزة لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتيجة جهد ممنهج في إعادة ضبط الأداء الإداري والفني داخل الوزارة، وتكريس ثقافة مؤسسية تؤمن بأن النزاهة ليست مجرد شعار، بل هي سلوك يومي وإرادة قيادية.



نهج ثابت... لا استعراض

من يتابع تحركات الوزير أبو السمن يلحظ أنها ليست استعراضية، بل تنطلق من إيمان حقيقي بـ"العمل في الميدان"، تطبيقًا فعليًا لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي ما فتئ يؤكد في كل مناسبة على أهمية أن يكون المسؤول "بين الناس، في الميدان، يراقب ويوجه ويحاسب".

هذا النهج أصبح ملمحًا واضحًا في أداء أبو السمن، الذي لا يترك تفصيلًا دون أن يمر عليه بنفسه، بدءًا من المخططات الورقية، وصولًا إلى مواقع العمل تحت الشمس أو في وجه العواصف، حاملًا ملفات المشاريع كأنها جزء من حياته اليومية.



هندسة القيادة

يحمل المهندس ماهر أبو السمن خلفية هندسية رصينة، ويمزج بين الصرامة التقنية والحكمة الإدارية، وهي توليفة قلّما تتوفر في مسؤول تنفيذي، فقد تقلّد سابقًا مناصب في قطاعات عدة، ما منحه فهمًا معمقًا لبنية العمل الحكومي وتعقيداته، وجعله أكثر قدرة على تسريع القرارات دون التفريط بالمعايير الفنية.

كما يتميز الوزير بأسلوب تواصلي هادئ، يبتعد عن الضجيج الإعلامي، لكنه حاضر دومًا على الأرض، يحاور الفرق الفنية، ويتلقى الملاحظات من الأهالي، وينقلها إلى طاولة القرار.



تكريس نهج الحكومة

ما يقوم به أبو السمن ليس جهدًا فرديًا فحسب، بل هو تجسيد حيّ لنهج الحكومة الحالية، التي ترفع شعار العمل الميداني، وتطالب كل وزير بأن يكون قريبًا من المواطنين، شريكًا في تطوير الخدمات، لا مجرد مراقب من خلف المكاتب.

وفي ظل تحديات اقتصادية وجغرافية تواجهها المملكة، بات واضحًا أن الوزير الميداني لم يعد خيارًا بل ضرورة، وهو ما يجسده أبو السمن يومًا بعد يوم، في جولاته التي لا تنتهي، وفي حضوره الهادئ الصارم، وفي مشروعه المستمر لإعادة ثقة الناس بالمؤسسات.