إدارة القيمة… فلسفة اقتصادية جديدة
د معن العوامله
لم تعد التنمية الاقتصادية اليوم تُقاس بعدد المشاريع ولا بحجم الإنفاق العام بل بقدرتنا على تحويل كل مشروع إلى قيمة حقيقية مضافة للاقتصاد والمجتمع والدولة.
إن ما تحتاجه المرحلة المقبلة هو الانتقال من إدارة الموارد إلى إدارة القيمة ومن التفكير في المكان إلى التفكير في الأثر
إدارة القيمة ليست شعارًا إداريًا بل فلسفة اقتصادية جديدة تعيد تعريف النجاح الوطني من كونه تشغيلًا للمصانع إلى كونه إنتاجًا للفكر والابتكار فهي تدعو المؤسسات إلى أن تسأل نفسها: ما القيمة التي نخلقها؟ وما هو الأثر الذي نتركه؟
وهنا يبرز نموذج المدن الصناعية الأردنية كمثال حي على هذا التحول المطلوب.
فالمدن الصناعية التي تأسست قبل عقود كانت أداة لجذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل أما اليوم فيجب أن تصبح منصات متكاملة لإدارة القيمة الصناعية من خلال:
-ربط الصناعة بالبحث العلمي والجامعات ومراكز الابتكار.
-تشجيع التحول نحو الصناعة الذكية والطاقة النظيفة.
-تطوير منظومة خدمات رقمية للمستثمرين والمصدرين.
-وتعزيز الدور المجتمعي في التنمية المحلية وتشغيل الشباب.
بهذا النهج تتحول المدن الصناعية من مجرد مواقع إنتاج إلى منظومات تفكير اقتصادي تولّد المعرفة والقيمة في آنٍ واحد.
لقد استثمر الأردن كثيرًا في البنية التحتية وحان الوقت ليستثمر في البنية الفكرية والإدارية التي تضاعف قيمة تلك الأصول.
فالقيمة لا تأتي من حجم الأبنية والمصانع، بل من العقل الذي يديرها والرؤية التي توجّهها.
إن إدارة القيمة هي الجسر بين التحديث الاقتصادي والإدارة الوطنية الحديثة وهي الفلسفة التي يمكن أن تقود الأردن نحو اقتصاد أكثر تنافسية واستدامة.
فحين نُدير الموقع بعقلية الفكرة و”المؤسسة بعقلية القيمة” نكون قد بدأنا فعلاً مسار التحول من إدارة الماضي إلى صناعة المستقبل