عبد الهادي تكتب: الملك.. السلام الـــحل الوحيـد

نيفين عبدالهادي

وضوح ورؤية عملية، وحسم ملكي من جلالة الملك عبدالله الثاني، بأن «الشرق الأوسط محكوم عليه بالهلاك ما لم يتم التوصل إلى عملية سلام تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة»، واقع على العالم أن يراه بوضوح، ويدرك عمقه وواقعيته، والأخذ به كأساس لأي رؤى مستقبلية وحتى آنية للقضية الفلسطينية والسعي لاستقرار المنطقة بل العالم ووقف أي تصعيد، يجب الأخذ بهذه الرؤية الهامة جدا على محمل التطبيق، فالشرق الأوسط محكوم عليه بالهلاك إذا ما بقي السلام الذي يؤدي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعيدا عن واقع المنطقة.

بواقعية وشجاعة الموقف والقول، تحدث جلالة الملك في مقابلة حصرية لبرنامج «بانوراما» على قناة بي بي سي، بالتزامن مع قمة شرم الشيخ بمصر حول خطة السلام المكونة من 20 نقطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمنطقة، فقد وضع جلالته الحقيقة كاملة دون مداراة أو تغليف للواقع، تحدث جلالته عما يجب أن يكون عليه واقع الحال، وحتى لا تبقى ذات الأسئلة، ويبقى ذات القول تتناقله الأجيال، وبكل روح إنسانية وقلب الأب والجد الملك، قال جلالته «أتذكر أن والدي في أواخر حياته كان يقول: (أريد السلام لأبنائي وأحفادي). لديّ حفيدان، وهما يستحقان ذلك السلام. كم سيكون الأمر مؤلمًا إن كبرا ليقولا الشيء نفسه الذي قاله والدي منذ سنوات؟». كلمات ملكية عظيمة يتحدث بها الملك الأب والجد، بحرص على أن يكون السلام واقعا حتى لا تبقى المنطقة تدور في ذات الدائرة تبدأ يوميا من حيث تنتهي بالبحث عن الاستقرار.

حديث جلالته أمس لقناة بي بي سي، وضع النقاط على حروف كلمات صمّاء يحتاج الكثير من الإيضاحات حتى تعكس الحقيقة، والواقع، بين تحذيرات، وتأكيدات على الواقع، وما يجب القيام به، وما يجب حسمه، لتكون الحقيقة واضحة للعالم وأن ما تقوم به إسرائيل لن يؤدي سوى لمزيد من عدم الاستقرار، وبالسلام فقط على أساس إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، تنجو المنطقة من الهلاك وتصبح المنطقة والعالم أقدر على التنمية والازدهار، هو نهج عمل وأسلوب حياة يضعه جلالة الملك للعالم حقيقة يحسم أي جدليات وأي تصعيد تشهده المنطقة.

جلالة الملك حذّر من أن «الشيطان يكمن في التفاصيل» في الاتفاق الذي توسط فيه ترمب، مشددًا على أنه بعد تحقيق وقف إطلاق النار في غزة، سيكون من الضروري أن يظل الرئيس الأميركي منخرطًا في العملية. قول حاسم من جلالة الملك إن لم يبقَ الرئيس الأمريكي منخرطا فإن الشيطان يكمن في التفاصيل لاتفاق إنهاء الحرب، وبكل التفاصيل التي تشهده المرحلة الحالية من مساعٍ دولية لوقف الحرب على غزة، والسير نحو السلام، إن لم يبق الرئيس الأمريكي فالشيطان يكمن في التفاصيل، ليس هناك أوضح من هذا الحسم الملكي، وليس هناك موقف يمكن الأخذ به نهج عمل سوى هذا الموقف، على الرئيس الأمريكي أن يبقى منخرطا بالتفاصيل، حتى لا تأخذ الأمور منحى آخر، بطبيعة الحال يعيد واقع الحال إلى مربعه الأول، إن لم يكن لما قبل هذا المربع، لا سيما أن جلالته تحدث عما شهدته المنطقة من محاولات سلام فاشلة عديدة، فلا بد اليوم كما قال جلالته «من تنفيذ حل الدولتين – أي إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب إسرائيل – هو الحل الوحيد»، فلا رفاهية للخيارات، ولا ترف لقول نعم ولا، الحقيقة واضحة كما قالها جلالة الملك، حلا وحيدا.