الأردنيون يترقبون "رأفة" البنوك بالاستجابة لخفض الفائدة

ينتظر الأردنيون تجاوب البنوك بتخفيض أسعار الفائدة على القروض والتسهيلات، بما في ذلك القائمة منها، تماشياً مع قرارات البنك المركزي الأردني الذي خفّض أسعار الفائدة عدة مرات خلال العامين الماضي والحالي، ورغم أن بعض البنوك، بحسب مراقبين، خفّضت أسعار الفائدة، إلا أن الهامش ما زال واسعاً بين فائدتي الإيداع والإقراض، وهناك مجال لإجراء تخفيضات يلمسها المواطن والمستثمر بما ينعكس على تنشيط بيئة الأعمال وزيادة الطلب على المنتجات المصرفية لتمويل القروض الشخصية والاستثمارية في مختلف القطاعات.

وترى جمعية البنوك الأردنية أن البنوك ملزمة بخفض أسعار الفائدة، لكنها تشير إلى أن ذلك ينعكس على القروض الجديدة التي تُمنح بعد قرارات البنك المركزي، أما بالنسبة إلى القروض القديمة، فإن الأمر يرتبط بطبيعة العقد المبرم بين البنك والمقترض، وربما لا يستفيد البعض من آثار انخفاض أسعار الفائدة.

وكان البنك المركزي الأردني قد خفّض أسعار الفائدة بواقع 1.25% خلال العامين الماضي والحالي، منها 1% في 2024 وربع في المائة 2025، تماشياً مع قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض تدريجي لأسعار الفائدة.

وتوقّع رئيس جمعية البنوك الأردنية ماهر المحروق، أن يطرأ انخفاضان آخران أيضاً على أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأردني قبل نهاية العام الحالي، ما يؤدي إلى تخفيض كلف التمويل وانعكاس مباشر على المقترضين. وقال، في تصريحات صحافية، إن قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة يعدّ ملزماً لجميع البنوك العاملة في الأردن، وإنه يأتي ضمن نهج البنك في متابعة التطورات الاقتصادية والنقدية والمالية محلياً ودولياً، واتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي في الأردن.

وأضاف أن انعكاسات القرار ستظهر على قروض الأفراد والشركات تدريجياً وفقاً لدورية تعديل الفائدة المنصوص عليها في العقود الموقعة بين العملاء والبنوك، سواء كانت سنوية أو نصف سنوية أو ربع سنوية، حيث تُراجع الفائدة تلقائياً عند حلول موعد التعديل المتفق عليه في العقد. وأكد أهمية الدور الذي يقوم به الجهاز المصرفي الأردني في خدمة الاقتصاد الوطني من مختلف الجوانب، وتوفير نوافذ تمويلية متعددة للأفراد والأنشطة الاقتصادية.

من جانبه، قال ممثل القطاع المالي في غرفة تجارة عمان وأمين سر جمعية الصرافين، علاء ديرانية، لـ"العربي الجديد"، إن انخفاض أسعار الفائدة يخفف كلف التمويل على الأفراد والمنشآت الاقتصادية التجارية والصناعية والسياحية والخدمية وغيرها، حيث تشكّل البنوك ملاذاً للمواطن والمستثمر ورجال الأعمال للحصول على التمويلات الشخصية والاستثمارية.

وأضاف أن المصلحة الاقتصادية تتحقق بنحو أفضل عند انخفاض أسعار الفائدة، إذ يرتفع الطلب على الاقتراض لغايات تمويل شخصي أو للإنفاق على مجالات أساسية مثل التعليم والمساكن والعقارات عموماً، إضافة إلى زيادة في حجم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي من شأنها توفير فرص عمل والحد من الفقر والبطالة. ويرى ديرانية أن المنافسة بين البنوك الأردنية ستدفع باتجاه انخفاضات أخرى على أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، يلمسها الأفراد والمستثمرون. مشيراً إلى أن إجمالي التسهيلات الائتمانية التي قدمتها البنوك قد تجاوز حتى نهاية تموز/يوليو الماضي 50 مليار دولار.

وكانت البنوك الأردنية قد رفعت أسعار الفائدة عدة مرات في عامي 2022 و2023 تجاوباً مع قرارات البنك المركزي الذي اتبع سياسة متشددة بالتزامن مع قرارات الفيدرالي الأميركي، ولكون الأردن يربط عملته (الدينار) بالدولار منذ تسعينيات القرن الماضي. ورُفعَت أسعار الفائدة في تلك الفترة على أدوات السياسة النقدية 11 مرة بواقع نصف في المائة على كل الأدوات.

وقررت لجنة عمليات السوق المفتوحة في البنك المركزي الأردني، في اجتماعها السادس لهذا العام، تخفيض "سعر الفائدة الرئيسي" للبنك المركزي وبقية أسعار فائدة أدوات السياسة النقدية بمقدار 25 نقطة أساس، وذلك اعتباراً من يوم الأحد الماضي.

وجاء القرار، حسبما أعلن البنك المركزي، استناداً إلى تقييم اللجنة للمستجدات الاقتصادية والنقدية والمالية، ومتابعتها لاتجاهات أسعار الفائدة إقليمياً وعالمياً. إذ بلغ معدل التضخم 1.86% خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، مع توقعات باستقراره حول 2.2% لعام 2025 كاملاً، ما يسهم في الحفاظ على القوة الشرائية وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني. وتؤكد المؤشرات أيضاً قوة الاستقرار النقدي في المملكة، مدعوماً بمستوى مرتفع من الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي، التي بلغت نحو 22.8 مليار دولار في نهاية آب 2025، وهو ما يغطي مستوردات المملكة من السلع والخدمات لمدة 8.7 أشهر.

ومن خلال أحدث تقرير للبنك المركزي، أخذت أسعار الفائدة على مختلف القروض اتجاهاً هبوطياً متدرجاً ومتفاوتاً منذ العام الماضي، وتراجعت أسعار الفائدة على الودائع المختلفة. ووفقاً للبنك المركزي، انخفض الوسط المرجح لأسعار الفائدة على القروض والتسهيلات في نهاية يوليو/تموز الماضي بمقدار 5 نقاط أساس عن مستواه المسجل في نهاية حزيران 2025، وبمقدار 12 نقطة أساس عن مستواه في نهاية العام الماضي. وتراجعت أيضاً أسعار الفائدة على الكمبيالات والسندات الخاصة، وانخفض الوسط المرجح لأسعار الفائدة في نهاية تموز بمقدار 9 نقاط أساس عن مستواه المسجل في الشهر السابق، وبمقدار 36 نقطة أساس عن نهاية العام الماضي.

وقال البنك المركزي إنه واصل تثبيت أسعار الفائدة التفضيلية لبرنامج إعادة تمويل القطاعات الاقتصادية الحيوية، والبالغ عددها 10 قطاعات بقيمة 1.4 مليار دينار، عند 1% للمشاريع داخل محافظة العاصمة و0.5% للمشاريع خارج المحافظات، مع استمرار تثبيتها طوال مدة القرض التي تمتد لعشر سنوات. 

العرب الجديد