سورية.. اتفاق أمني خطر

محمود خطاطبة

اتفاق أمني ما بين صاحبة أقدم عاصمة في التاريخ (سورية) بإدارتها الجديدة، وكيان مسخ راع للإرهاب في منطقة الشرق الأوسط (دولة الاحتلال الإسرائيلي)، يُطبخ على نار هادئة، قد تظهر نتائجه قريبًا إن لم يكن خلال أيام، وذلك بالتزامن مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المُتحدة التي عُقدت في نيويورك أول من أمس.

الاتفاق، يهدف إلى إعادة ترسيم الحدود الأمنية في الجنوب السوري، ذلك ظاهره، لكنه يتضمن بنودا أحلاها مُر، أو سيفرض واقعًا ليشغل أبناء المنطقة وساساتها وقادتها زمنا.

الاتفاق يحمل أخطارا، ستكون السيادة السورية "ممسوسة”، وللأسف كالعادة بحجة "أمن” دولة الاحتلال، وتخوفها، وكأن الدول العربية هي مصدر الخطر الوحيد الموجود في هذه المنطقة، أما الكيان المسخ فهو "بريء، وحمل وديع، ويتعرض دومًا لعدوان”، مع أن العكس هو الصحيح تمامًا.

فبعد أن كانت سورية تُعاني جراء احتلال إسرائيل لمُرتفعات الجولان، الذي تم قضمه إبان حرب العام 1967 (النكسة)، ها هو الاتفاق الأمني الجديد يتضمن بندًا، يقضي بنزع السلاح في المناطق الجنوبية الغربية في سورية، بمعنى أنه سيتم سحب السلاح من هذه المناطق.

هذا بحد ذاته فيه من الذل والهوان ما فيه، فكيف يتم منع دولة، جذورها ضاربة في التاريخ، من استخدام السلاح في مناطق داخل حدودها، لا بل ممنوع أيضًا على الطيران، حتى العامودي منه، من التحليق في هذه الأجواء (ريف دمشق الغربي والجنوبي، جرمانا، ومناطق بالغوطة الشرقية)، بالإضافة إلى أن مثل هذا الفراغ الأمني سيسمح بانتشار عصابات وجماعات مُسلحة.

كما أن هذا البند من شأنه إطلاق يد الطائفة الدرزية في السويداء، لتُصبح اليد الطولى أو الوحيدة أو التي تملك السلاح، ما يُسبب إرباكًا واضحًا لسيطرة الحُكومة السورية المركزية على هذه المنطقة، فضلًا عن أن ذلك سيكون سببًا رئيسًا إلى نشوء حرب أهلية أو نزاع ما بين القبائل الأُخرى الموجودة هُناك.

كما يتضمن الاتفاق الأمني بقاء الاحتلال الإسرائيلي على قمة جبل الشيخ، التي احتلتها مؤخرًا، والحجة جاهزة كالعادة تتضمن "مُراقبة نشاط حزب الله في لبنان”.. الأمر الذي يعني توسيع المنطقة العازلة التي جرى تحديدها بموجب اتفاقية وقف إطلاق النار الموقّعة بين دمشق وتل أبيب العام 1974، أما الجولان السوري فموضوعه مؤجل إلى إشعار آخر، أو قد يكون في غياهب النسيان.

"السعيد من اتعظ بغيره”.. مقولة قديمة، تتداولها الدول والشعوب، تدعو إلى ضرورة أخذ العبرة من الغير، وأن لا يقع الشخص في نفس الأخطاء التي وقع فيها آخرون، فكيف إذا كان هؤلاء هم من نفس المنطقة ويرتبطون بروابط الدم واللغة والثقافة والجُغرافيا؟.. فلا يوجد أي داع إلى البحث والتمحيص طويلًا من أجل الخروج بنتيجة مفادها أن الكيان المسخ ماض بتعميق احتلاله، وقضم المزيد من الأراضي العربية، والبداية في سورية ولبنان.

خاتمة القول، إن الاتفاق المزعوم خطير جدا، ويقُسم الجنوب السوري إلى ثلاثة أقسام، يُطلق عليها "أمنية”، والغنائم كُلها إلى الكيان الصهيوني، أهمها حُرية الطيران فوق أراضي سورية، بينما الشقيقة سورية تناور على إلغاء عقوبات "قانون قيصر” فقط، واحتمال نجاحه مُرتبط بكثير من التنازلات المُرتبطة أصلًا بضغوط أميركية.. فيا قيادة سورية ماذا جنى العرب من السلام مع الاحتلال الإسرائيلي، على مدار عقود مضت، سوى المزيد من خسران الأرض.