تميم حين يحل أميراً عزيزاً وابن عمٍ كريم.

فادي المجالي  

في يومٍ تتداخل فيه معاني القربى والواجب، وتتشابك فيه خيوط السياسة بالمحبة، تحطّ في عمّان اليوم زيارة أخوية سامية، يقوم بها سموّ أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني — زيارة لا تشبه البروتوكولات الباردة، بل تنبض بدفء التاريخ ورحابة الأخوّة العربية.

إنها زيارة تحمل في طياتها رسائل عن عمق العلاقة الأردنية القطرية، علاقة تمتد بجذورها إلى عقود من التفاهم والثقة والتنسيق الاستراتيجي، وتترسخ في مواقف لا تُقاس بالكلمات بل تُترجم بالفعل والمواقف.

وتأتي هذه الزيارة في ظرف إقليمي شديد الحساسية، أعقب عدوانًا إسرائيليًا آثمًا استهدف الدوحة، فهزّ الضمائر وأعاد تذكيرنا بأن أمن العرب واحد ومصيرهم واحد. عندها ارتفع صوت الأردن عاليًا على لسان قائده جلالة الملك عبدالله الثاني، معلنًا بلا مواربة أن أمن قطر هو أمن الأردن، وأن الرد يجب أن يكون حازماً ورادعا وأن المساس بسيادة أي دولة عربية هو طعنة في خاصرة الأمة بأسرها.

هذا الصوت الأردني لم يكن طارئًا ولا استثناءً، بل امتدادًا لتاريخ طويل من المواقف القومية، رسّخته عمان عبر دعمها الدائم لقضايا الأشقاء، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي تبقى بوصلة الحق وميزان العدل. فلا أمن حقيقي ولا استقرار دائم إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، بعاصمتها القدس الشريف. وفي هذا الموقف تلتقي عمان والدوحة، صوتان عربيان صادقان في زمنٍ كثر فيه الضجيج وقلّ فيه الصدق.

سموّ الأمير،

من منظور شخصي، أراكم اليوم لستم مجرد زائر رسمي، بل ابن عمّ كريم، نلتقي على نسبٍ عريق إلى قبيلة بني تميم العدنانية من الحوطة في نجد. نسب يذكّرنا بأن العروبة رابطة دمٍ قبل أن تكون رابطة جغرافيا، وأن الأخوّة أمانة قبل أن تكون مصلحة، فأهلا بك أميراً عزيزاً وابن عمٍ كريم أهلا بك بين أهلك وفزعتك وعزوتك. 

و الأردن، بقيادته الهاشمية وشعبه الوفي، باقٍ على عهده: يقف مع الأشقاء، ويدافع عن القضايا العادلة، ويرفع راية الأمة في وجه كل عدوان. وزيارتكم اليوم، سمو الأمير، ليست مجرد محطة سياسية، بل هي تجديد للعهد بأن العروبة ما زالت حيّة، وأن الأخوّة لا تموت، وأن المستقبل يمكن أن يكون أكثر إشراقًا متى ما تلاقت القلوب على الصدق والنوايا على الخير.