قمة الدوحة... هل خذلت الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية؟
بقلم - الدكتور محمود عواد الدباس
من تابع الكلمات التي أُلقيت في قمة الدوحة (35 كلمة) يوم أمس الإثنين، الخامس عشر من سبتمبر الجاري، يلمس من مضمونها وجود جناحين داخل القمة: جناح عربي متشدد، يقابله جناح عربي آخر مهادن أو مسالم في الرد على إسرائيل وما تقوم به من أفعال وتهديدات مستقبلية. يضم الجناح المتشدد عدداً من الدول العربية الأكثر تعرضاً للخطر الإسرائيلي، وهي الدول التي أبرمت معاهدات أو اتفاقيات سلام مع إسرائيل، وهي: الأردن، مصر، وفلسطين. كان مطلب هذا الجناح الثلاثي، عبر الكلمات التي أُلقيت في أعمال القمة العربية-الإسلامية، هو التصعيد الفعلي مع إسرائيل لردعها عن تكرار أفعالها. وقد ظهر ذلك بوضوح تام في كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني، ثم كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ثم كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. في المقابل، كانت الأطراف العربية الأخرى المشاركة في قمة الدوحة، وهي الدول العربية غير المرتبطة باتفاقيات سلام مع إسرائيل أو البعيدة عن دائرة الصراع، تميل عبر كلماتها إلى الاكتفاء بإدانة الاعتداء على الدوحة والتأكيد على التضامن مع قطر، مع الاستنجاد بالمجتمع الدولي. في المحصلة، جاء مضمون البيان الختامي تحت إيقاع الطرف المهادن في التعامل مع الاعتداءات الإسرائيلية، مكتفياً بالإدانة فقط! يؤكد ذلك أن الصحافة العبرية قد سخرت من قرارات القمة! في ذات الاتجاه، أدى مضمون البيان الختامي للقمة إلى حالة خيبة أمل عميقة متجددة لدى الشعوب العربية، التي توهمت أن مخرجات القمة قد تكون مختلفة هذه المرة!
بكل تأكيد، إن توجه كل من الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية نحو خيار التشدد داخل أعمال قمة الدوحة في ضرورة الخروج بقرارات فعلية تجاه إسرائيل يأتي من حقيقة اقتراب السلطة الفلسطينية من الانهيار، تلك السلطة التي جاءت نتيجة اتفاقية أوسلو الفلسطينية-الإسرائيلية عام 1993. في السياق ذاته، فإن مصر، التي وقّعت اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1979، تواجه خطر الضغط عليها لقبول تهجير أهالي غزة إليها. وبالمثل، فإن الأردن، الذي وقّع اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1994، يواجه خطر سيناريو تهجير أهالي الضفة الغربية إليه. لقد سعت هذه الدول الثلاث إلى إيجاد موقف عربي فعلي يساندها للحيلولة دون انهيار السلطة الفلسطينية وتهجير أهالي غزة إلى مصر وأهالي الضفة الغربية إلى الأردن، لكن لم تكن هناك استجابة عربية فعلية!. كانت الاستجابة كلمات إدانة ليس إلا! مع ضرورة الإشارة هنا إلى وجود توجهات متشددة لدى عدد من الدول الإسلامية غير العربية، وهي تركيا التي طالبت بمقاطعة اقتصادية في التعامل مع إسرائيل وقد فعلت ذلك، إضافة إلى تعزيز البناء العسكري. أيضاً، كانت هناك ماليزيا التي أكدت على المقاطعة الاقتصادية. أما قمة التشدد تجاه إسرائيل فكانت من إيران التي استخدمت مصطلح "العدو الصهيوني" بدلاً من إسرائيل، وكذلك فعلت تونس، فيما استخدمت الكويت مصطلح "قوات الاحتلال".
ختاماً، فإن المستفيد الوحيد من قمة الدوحة هي قطر وحدها، حيث نجحت في خلق تضامن سياسي عربي وإسلامي معها، يبعد عنها أو يستبعد نهائياً خطر تعرضها لضربة إسرائيلية جديدة، يعزز ذلك موقف الولايات المتحدة التي تعهدت بعدم تكرار ذلك الاعتداء على قطر مرة أخرى . أما الدول الثلاث الأكثر عرضة للخطر الإسرائيلي من الناحية السياسية والسكانية، وهي الأردن، مصر، والسلطة الفلسطينية، فهي الأقل استفادة من أعمال القمة. لقد طالب جلالة الملك عبدالله برد واضح وحاسم ورادع، لكن غالبية الدول العربية لا تريد رداً واضحاً أو حاسماً أو رادعاً، فهي ليست متضررة من تصفية القضية الفلسطينية. المتضررون فقط هم فلسطين والأردن ومصر!