طهبوب يكتب: البحث عن مفردات جديدة

عامر طهبوب

لا أريد أن أستبق الوقت، ولا أعرف ما الذي ستخرج به هذه القمة العربية الإسلامية من قرارات، والحقيقة أن ما تحتاجه المنطقة في مواجهة اعتداءات إسرائيل التي تجاوزت الحدود هو «إجراءات» وليس قرارات، لكني تابعت العديد من كلمات القادة العرب والإسلاميين في قمة الدوحة بعد ظهر أمس، وما وجدت إلا نفس المفردات.

لا أريد أن أوجّه للقمة ضربات استباقية، لكن ليس من المحبب في هذه المرحلة أن نتوجه بخطاباتنا إلى المجتمع الإسرائيلي، فهو مجتمع أصم لا يستمع إلى خطابات العرب، وليس من اللائق أن نؤكد أن على إسرائيل أن تستوعب أن أمنها لا يتحقق إلا بكذا وكذا، أو القول إن على العالم أن يدرك أن إسرائيل تضرب بعرض الحائط بكل المواثيق والأعراف الدولية، وأن فشل اتفاقات السلام سيعيد المنطقة إلى دائرة الصراع.

العالم يعرف أن إسرائيل تضرب بعرض الحائط بكافة المواثيق الدولية، وإلا لما رفعت جنوب إفريقيا تلك الدعوى غير المسبوقة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية متهمة إياها بارتكاب مجازر جماعية وحرب إبادة ضد الفلسطينيين، وشعوب الأرض لا تنام، وهي تجوب الشوارع وتسجل مواقفها المشرفة الرافضة للاعتداءات الإسرائيلية ضد شعب غزة، وتجويع الأطفال والنساء، أما إسرائيل فلم تعد تكترث باتفاقات السلام، ولا يتوجب على العرب استجداءها للمحافظة على ما تم الاتفاق عليه، والأهم أن الصراع قائم محتدم إلى منتهاه، ومفتوح على مصراعيه، واتفاقات السلام لم تحفظ أمن غزة، ولا أمن سكان الضفة الغربية، ولا أمن سوريا، ولا استقرار لبنان، ولا غيرها من دول المنطقة.

وفيما أنا أواصل كتابة هذه المقالة، وإذ بالرئيس اللبناني يفاجئني عندما دعا في كلمته القوية إلى التوقف عن ترديد مفردات الإدانة التي تسبب السأم في نفوس الشعوب العربية، ولذلك قلت أنه لم يعد مقبولاً القول: آن الأوان للتعامل بحسم مع مسألة القضية الفلسطينية، فإذا لم نتعامل بحزم فإن المفردة ستبقى مفرغة جوفاء، ولا يقبل القول إننا نرفض مقترحات التهجير، وإنما يجب اتخاذ كل ما من شأنه إفشال المشروع الصهيوني في تهجير أهل غزة أو أهل الضفة الغربية، فما معنى أن نرى أهل غزة المدينة يتوجهون مرة أخرى نحو الجنوب تحت نيران قصف الأبراج والمجمعات السكنية، فيما نؤكد أننا نرفض التهجير، والسؤال المشروع: كيف ترفض؟

عربدة إسرائيل غير المسبوقة والمستمرة، يجب أن تواجه بإجراءات من خارج صندوق القمم التقليدية المعتادة، أن تتغير المفردات، وأن يتغير الخطاب، وأن تنهض الهمم، وتتوحد الكلمات والمواقف والأفعال، وأن يلمس الإنسان العربي تغيراً جذرياً في أساليب التعاطي مع هذا المحتل الغاشم، وإذا لم يتخذ العرب مواقف حازمة واضحة حاسمة اتجاه هذه الانتهاكات الجسيمة، فإن إسرائيل التي فلتت من عقالها، لن تلتفت إلى خطابات العرب وتنديداتهم، وستواصل عدوانها وضربها لدولة هنا، وأخرى هناك، ولن يتغير في المشهد شيئاً.