محلل روسي يصف "النشامى" بالمنافس السهل جدًا
تتجه أنظار جماهير الكرة الأردنية مساء الخميس، إلى ملعب لوكويل أرينا في موسكو، حيث يخوض المنتخب الوطني مواجهة ودية دولية أمام مضيفه الروسي، في إطار استعداداته للمشاركة في نهائيات كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه.
المباراة التي تأتي في توقيت حساس للكرة الروسية بعد أعوام من العزلة الدولية، ما أثار اهتمام الإعلام المحلي والخبراء واللاعبين السابقين، لما تحمله من دلالات فنية وسياسية في آن واحد.
الجانب الروسي لم يكتفِ بالحديث عن الجانب الفني البحت، بل تعددت التصريحات والآراء ما بين من يرى المنتخب الوطني خصما سهلا يمكن تجاوزه بسهولة، ومن اعتبره أحد أقوى المنتخبات الآسيوية في الوقت الراهن، بل مثل تأهله إلى كأس العالم 2026 شهادة على تطوره المستمر.
المدرب الروسي فاليري كاربين حاول أن يضع المباراة في إطار عملي، بعيدا عن المبالغات الإعلامية؛ ففي تصريحاته صحفية، أبدى تحمسه لفترة التوقف الدولية التي يواجه خلالها المنتخب القطري أيضا في الدوحة، وقال: "المنتخبان جيدان لكن بأساليب مختلفة. سيكون من المثير أن نرى ونقيم منتخبنا في هاتين المباراتين. ما يهمنا هو أن نعتمد على خطتنا وحالة لاعبينا بعد دراسة المنافس".
كاربين أشار بشكل واضح إلى أن المواجهة ستكون محطة اختبار، خصوصا أن المنتخب الروسي لم يعد يواجه بسهولة منتخبات أوروبية كبرى منذ قرارات الإيقاف.
لذلك فإن لقاء المنتخب الوطني بالنسبة له فرصة لمعرفة مدى جاهزية اللاعبين في بيئة تنافسية مشابهة لتلك التي قد يصطدمون بها في المستقبل.
ما بين الواقعية والاستهانة
على الجانب الآخر، خرج المدرب والمحلل الروسي ألكسندر جريجوريان بتصريحات حملت قدرا من الاستهانة بالمنتخب الوطني، حين وصفه بـ"المنافس السهل جدا"، مؤكداً أنه لا يرى أي صعوبة أمام روسيا في تحقيق الفوز، وأضاف: "الأردن منافس سهل جدا.
لا أعتقد أنهم قادرون على إزعاج المنتخب الروسي، من المفترض أن تكون الغلبة واضحة لمنتخبنا".
وفي تصريحات أخرى قال جريجوريان: "منتخب متواضع يلعب كرة بدائية، يتحول غالبا إلى 5-4-1، وتدوير الكرة عنده بطيء".
هذا الرأي لم يلقَ ترحيبا واسعا في الأوساط الإعلامية الروسية، إذ اعتبر البعض أن تصريحات جريجوريان تمثل نوعا من الغرور غير المبرر، خصوصا بعد الإنجازات الأخيرة التي حققها المنتخب الوطني على الساحة الآسيوية.
في المقابل، جاء تعليق المهاجم الدولي السابق ديميتري بوليكين أكثر اتزانا، فقد أبدى احترامه الكبير للمنتخب الوطني، واصفا إياه بأحد أفضل المنتخبات في قارته في الوقت الحالي.
وقال بوليكين: "الأردن من أفضل المنتخبات في قارته حاليا، هو خصم مثالي بالنسبة لروسيا لأنه يكشف لنا نقاط القوة والضعف، ويساعدنا على تقييم وضعنا الحقيقي قبل المباريات الأصعب".
أما الناقد الكروي المعروف ألكسندر بوبنوف، فحاول أن يجمع بين وجهتي النظر، فبينما أكد أن روسيا يفترض أن تفوز "بحسابات التصنيف"، إلا أنه حذر من الاستهانة بقدرات المنتخب الوطني، وقال: "روسيا يفترض أن تفوز بهذه المباراة من الناحية الحسابية، لكن يجب ألا ننسى أن الأردن فريق جيد وقد أثبت ذلك بتأهله التاريخي إلى كأس العالم 2026، لا ينبغي الاستهانة بهم".
وشدد بوبنوف على أن مثل هذه المواجهات قد تنقلب إذا لم يتعامل معها اللاعبون بجدية كاملة، خصوصا أن المنتخب الوطني أصبح يلعب بثقة أكبر بعد إنجازاته الأخيرة.
وبالنسبة لمدرب روسيا السابق بوريس إجناتيف، فبدا متفائلا بالفوائد التي سيجنيها منتخب بلاده من هذه المواجهة بقوله: "كلما لعبنا وديات أكثر مع منتخبات بمستوى الأردن وقطر، وليس بروناي وجرينادا، زدادت سرعة تأقلمنا عند العودة للمسابقات الرسمية".
صحيفة "إزفستيا" الروسية بدورها ألقت الضوء على المباراة في تقرير مطوّل، مشيرة إلى أن الأردن يعد أحد أقوى الخصوم الذين واجهتهم روسيا منذ بداية فترة العزلة الدولية.
التقرير أبرز وصافة "النشامى" في كأس آسيا الأخيرة، إلى جانب بلوغه نهائيات كأس العالم للمرة الأولى في التاريخ، واعتبر أن ذلك يمنح المباراة قيمة مضاعفة.
كما نقلت الصحيفة عن الرئيس الفخري للاتحاد الروسي لكرة القدم فياتشيسلاف كولوسكوف قوله: "الأردن أحد أصعب المنافسين الموجودين منذ بداية العزلة الرياضية لروسيا، أصبح من الصعب علينا إيجاد خصوم بهذا المستوى، ولذلك هذه المباراة مفيدة للغاية".
المباراة لم تخلُ من بعد سياسي، إذ سبق أن طلب الاتحاد الأوكراني لكرة القدم من اتحاد الكرة المحلي إلغاء اللقاء مع روسيا، وهو ما تم رفضه.
الإعلام الروسي تلقى هذا الموقف بارتياح، بل ذهب بعض المحللين والرياضيين إلى انتقاد الموقف الأوكراني بشدة، فقد صرّح البطل الأولمبي الروسي السابق بافل كولوبكوف قائلا: "أوكرانيا أصبحت مملة للجميع، يجب تجاهل مطالبهم في الشأن الرياضي".
من الجانب الآخر، اهتمت وسائل الإعلام الروسية بتأكيد وصول المنتخب الوطني إلى موسكو بكامل نجومه، وعلى رأسهم موسى التعمري، التقارير الروسية أشارت إلى أن المنتخب الأردني يدخل المباراة بالتشكيلة المثالية، وهو ما يرفع قيمة المواجهة، حيث لن تكون مواجهة "تجريبية" بالمعنى الكامل، بل اختبار جدي للطرفين.
الوريث الشرعي
لطالما كان المنتخب الروسي لكرة القدم – بصفته الوريث الشرعي للمنتخب السوفييتي – جزءًا من المشهد الكروي العالمي؛ فقد دون الاتحاد السوفييتي اسمه بأحرف ذهبية حين أحرز اللقب الأول لبطولة أمم أوروبا العام 1960، ووصل إلى نصف نهائي كأس العالم 1966 في إنجلترا، كما نال وصافة بطولة أوروبا مرتين في العامين 1964 و1988، هذه الإنجازات التاريخية صنعت مكانة خاصة للكرة الروسية في ذاكرة "المستديرة".
ومع بداية حقبة روسيا الحديثة بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، مر المنتخب بمراحل صعود وهبوط، لكن يظل بلوغه نصف نهائي بطولة أمم أوروبا العام 2008 أحد أبرز نجاحاته.
ففي تلك النسخة تألق الروس بقيادة المدرب الهولندي جوس هيدينك وأقصوا منتخب هولندا القوي في ربع النهائي بنتيجة 3-1 بعد وقت إضافي، ليكتبوا صفحة جديدة من تاريخهم الكروي.
أما على مستوى كأس العالم، فجاء الإنجاز الأكبر عندما استضافت روسيا نسخة العام 2018، المنتخب آنذاك تجاوز كل التوقعات، إذ نجح في العبور إلى ربع النهائي بعد الإطاحة بإسبانيا بركلات الترجيح في ثمن النهائي، وقد كان ذلك أول حضور لروسيا في دور الثمانية منذ استقلالها، وسط أجواء جماهيرية أسطورية شهدتها الملاعب الروسية، وأسماء مثل إيجور أكينفييف، أرتيوم دزيوبا وألكسندر جولوفين، أصبحت رموزا لنجاح غير مسبوق في الكرة الروسية الحديثة.
قرار غيّر المسار
لكن هذا التاريخ المضيء اصطدم بعقبة غير رياضية في شباط (فبراير) 2022، ففي أعقاب اندلاع الحرب الأوكرانية، أصدر كل من: الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الاتحاد الأوروبي (يويفا) قرارا بإيقاف روسيا ومنعها من المشاركة في جميع المسابقات الدولية حتى إشعار آخر.
هذا القرار شكل صدمة كبيرة للكرة الروسية، إذ تم استبعاد المنتخب من الملحق الأوروبي المؤهل لمونديال قطر 2022، كما لم يسمح له بالمشاركة إلى تصفيات "يورو 2024".
الاتحاد الروسي لكرة القدم حاول في البداية استئناف القرار لدى محكمة التحكيم الرياضية، لكنه فشل في رفع العقوبات، ومنذ ذلك الوقت وجد المنتخب الروسي نفسه في عزلة تامة عن البطولات الرسمية، حتى منتخبات الفئات العمرية لم تسلم من العقوبات، حيث ألغى اليويفا قرارا سابقا يسمح بمشاركة منتخبات الناشئين الروس تحت 17 عاما، لتبقى روسيا خارج جميع الأطر الأوروبية.
إلى جانب ذلك، أثيرت نقاشات حول احتمال انتقال روسيا إلى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم كخيار استراتيجي لضمان المشاركة في البطولات، لكن رئيس الاتحاد الروسي ألكسندر ديوكوف أكد أكثر من مرة أن روسيا ستبقى جزءا من المنظومة الأوروبية، معتبرا أن الانفصال عن اليويفا قد يعمّق العزلة بدلا من أن يخففها.
عائدات محدودة
مع الإيقاف، توقفت المشاركات الرسمية، واضطر المنتخب الروسي للبحث عن بدائل، فبدأت سلسلة من المباريات الودية أمام منتخبات من آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، ففي أيلول (سبتمبر) 2022، لعبت روسيا أول مباراة لها بعد التوقف أمام قيرغيزستان وفازت 2-1، تلتها مواجهات مع إيران، العراق، أوزبكستان وطاجيكستان، ثم بدأت دعوات لمنتخبات أخرى، مثل الكاميرون وكوبا وكينيا.
خلال العام الماضي تحديدا، برز المنتخب الروسي كـ"بطل الوديات"، إذ حقق سلسلة من الانتصارات الكبيرة: فاز على صربيا 4-0، على بيلاروسيا 4-0، على فيتنام 3-0، وعلى بروناي 11-0، إضافة إلى الانتصار على سوريو 4-0.
وأنهى الفريق العام الماضي، بسجل مثالي تقريبا، من دون أي هزيمة وبفارق أهداف كبير، ما أعطى انطباعا مضللا بأنه في "أفضل حالاته"، بينما الحقيقة أن مستوى المنافسين كان بعيدا عن معايير البطولات الكبرى.
رغم ذلك، لم تكن المباريات الودية بلا فائدة اقتصادية، حيث كشفت التقارير أن الاتحاد الروسي ما يزال يجني العوائد من حقوق بث مباريات المنتخب تصل إلى 800 مليون روبل سنويا، حتى وإن اقتصرت المباريات على وديات لا تحظى باهتمام جماهيري عالمي.
من جانب آخر، أعلن الاتحاد الروسي منتصف العام الحالي، رفضه المشاركة في بطولة اتحاد دول جنوب القارة الأفريقية رغم الدعوة الموجهة إليه، معتبرا أن المرحلة الحالية تتطلب التركيز على المباريات الودية المتفق عليها مسبقا.
صحيفة "سوتشي بروف" الروسية، علّقت على القرار بأنه يعكس قلق الاتحاد من الدخول في بطولات قد تزيد التعقيد السياسي، بينما يفضل التركيز على الحفاظ على نشاط المنتخب بعيدا عن المخاطر.
أبرز اللاعبين
رغم العزلة، ما يزال المنتخب الروسي يضم أسماء بارزة، بعضها يواصل مسيرته الأوروبية، وأخرى محلية، ويعتبر أرتيوم دزيوبا مهاجم لوكوموتيف موسكو، الهداف التاريخي للمنتخب برصيد 30 هدفا دوليا، عاد إلى التشكيلة العام الحالي، بعد فترة غياب طويلة، في خطوة تعكس رغبة المدرب فاليري كاربين بالاستفادة من خبرته، لكنه سيغيب عن التجمع الحالي.
أما ألكسندر جولوفين لاعب موناكو الفرنسي، فهو صانع الألعاب المبدع وأحد أبرز محترفي روسيا في أوروبا، بزغ نجمه في مونديال 2018 ويواصل أداءه المميز في الدوري الفرنسي.
وهناك أيضا أليكسي ميرانتشوك لاعب أتلانتا يونايتد الأميركي، وهو لاعب وسط هجومي خاض تجارب ناجحة في الدوري الإيطالي قبل انتقاله إلى الولايات المتحدة العام الماضي.
وينظر إلى ماتفي سافونوف حارس مرمى باريس سان جيرمان، على أنه خليفة الحارس المعروف إيجور أكينفييف.
كاربين.. قائد الدفة
على رأس الجهاز الفني يقف فاليري كاربين، المدرب الذي تولى المسؤولية في تموز (يوليو) 2021 خلفا لستانيسلاف تشيرتشيسوف.
كاربين، الذي كان لاعبا بارزا في تسعينيات القرن الماضي مع سبارتاك موسكو وريال سوسيداد وسيلتا فيجو، شارك كلاعب في ثلاث بطولات كبرى (مونديال 1994، يورو 1996، مونديال 2002)، وبعد الاعتزال، برز كمدرب مع سبارتاك موسكو وروستوف، حيث حقق نجاحات محلية لافتة.
توليه قيادة المنتخب جاء في فترة حساسة، إذ كان الفريق يستعد لمونديال 2022، قبل أن يُقصى بسبب العقوبات، منذ ذلك الحين، وجد كاربين نفسه في مهمة فريدة: الحفاظ على روح الفريق وتطوير اللاعبين رغم غياب المنافسات الرسمية.
الصحافة الروسية وصفته بـ"المدرب النفسي" لأنه ركز على تعزيز الدافع الداخلي لدى اللاعبين، محولا كل مباراة ودية إلى "بطولة مصغرة".
ورغم الضغوط، أظهر كاربين مرونة كبيرة في استدعاء اللاعبين؛ أعاد المخضرم دزيوبا، ومنح الفرصة للشباب مثل زاخاريان وبينيايف، وواصل تطوير خطط هجومية متوازنة.
وأشادت الصحافة الروسية بأسلوبه الهجومي والمرونة التكتيكية التي يحاول زرعها رغم قلة الاحتكاك؛ الأهم أن كاربين ما يزال يحظى بثقة الاتحاد الروسي، حيث جدد عقده بالتوازي مع توليه تدريب دينامو موسكو حتى 2028. هذا الجمع بين المنتخب والنادي يعكس حجم التحدي الملقى على عاتقه، لكنه في الوقت ذاته، يؤكد إيمان المسؤولين بقدرته على قيادة المشروع الكروي الروسي في أصعب المراحل.
قائمة المنتخب الروسي الحالية:
- حراسة المرمى
ماتفي سافونوف (باريس سان جيرمان)
ألكسندر ماكسيمينكو (سبارتاك موسكو)
ستانيسلاف أجكاتسيف (كراسنودار)
دينيس آدموف (زينيت)
- خط الدفاع
إيجور ديفييف (سيسكا موسكو)
دانيل كروجوفوي (سيسكا موسكو)
ماتفي لوكين (سيسكا موسكو)
روسلان ليتفينوف (سبارتاك موسكو)
إيجور ساموشنيكوف (سبارتاك موسكو)
ألكسندر سليانوف (لوكوموتيف موسكو)
يفجيني موروزوف (لوكوموتيف موسكو)
إليا فاخانيا (روستوف)
يوري جورشفكوف (زينيت)
ماكسيم أوسيبينكو (دينامو موسكو)
- خط الوسط:
دانيل غليبوف (دينامو موسكو)
ألكسندر تشيرنيكوف (كراسنودار)
نيكيتا كريفتسوف (كراسنودار)
ماتفي كيسلياك (سيسكا موسكو)
إيفان أوبلياكوف (سيسكا موسكو)
كيريل جليبوف (سيسكا موسكو)
ألكسندر جولوفين (موناكو)
أليكسي ميرانتشوك (أتلانتا يونايتد)
أنتون ميرانتشوك (دينامو موسكو)
دميتري بارينوف (لوكوموتيف موسكو)
أليكسي باتراكوف (لوكوموتيف موسكو)
ماكسيم جلوشينكوف (زينيت)
أندريه موستوفوي (زينيت)
- خط الهجوم
دميتري فوروبيوف (لوكوموتيف موسكو)
تامرلان موساييف (سيسكا موسكو)
إيفان سيرجيف (دينامو موسكو)