اللجنة العليا الأردنية المصرية.. قراءة تحليلية
محمد علي الزعبي
كمتابع للشأن العربي والإقليمي، لطالما رأيت في اللجنة العليا الأردنية المصرية أكثر من مجرد إطار للتعاون الثنائي؛ إنها نموذج عملي لما يجب أن تكون عليه العلاقات العربية إذا أرادت أن تنتقل من دائرة المجاملات الدبلوماسية إلى رحابة العمل المشترك المنتج. هذه اللجنة، التي أرسى دعائمها جلالة الملك عبدالله الثاني وأخوه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، لم تنشأ من فراغ، بل جاءت كترجمة لإرادة سياسية واعية تدرك أن التكامل بين عمان والقاهرة ليس خيارًا تكميليًا، بل ضرورة استراتيجية تفرضها التحديات والمصالح المشتركة.
من وجهة نظري، قوة هذه اللجنة تكمن في كونها ليست موسمية أو شكلية، بل منصّة مستمرة لصناعة القرار المشترك، حيث تتقاطع فيها الملفات السياسية مع الاقتصادية في مشهد متكامل. سياسيًا، وفّرت اللجنة قناة تنسيق عالية المستوى حول القضايا العربية المحورية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وحماية الأمن القومي العربي، والتعامل مع الأزمات الإقليمية المعقدة. وفي كل هذه الملفات، كان التناغم بين الموقفين الأردني والمصري دليلًا على أن التشاور العميق ليس مجرد عنوان إعلامي، بل ممارسة واقعية تترجم إلى مواقف موحّدة في المحافل الدولية.
اقتصاديًا، أرى أن اللجنة لعبت دورًا محوريًا في فتح مجالات تعاون جديدة، من الربط الكهربائي إلى مشاريع النقل المشترك، مرورًا بتسهيل التجارة البينية، وإزالة الحواجز الجمركية، وجذب الاستثمارات المشتركة. ما يلفت انتباهي أن هذه المشاريع لم تكن مجرد اتفاقيات على الورق، بل خطوات عملية انعكست على أرض الواقع في رفع معدلات التبادل التجاري، وتعزيز حضور البلدين في الأسواق الإقليمية.
برأيي، استمرار هذه اللجنة في العمل بنفس الزخم هو رسالة سياسية بحد ذاتها؛ رسالة تقول إن الأردن ومصر اختارا أن يواجها تحديات العصر معًا، وأن يقولا للعالم إن التعاون العربي يمكن أن يكون واقعيًا ومثمرًا إذا توافرت الإرادة. ومن هنا، فإن اللجنة العليا الأردنية المصرية ليست فقط أداة تعاون ثنائي، بل ركيزة لبناء منظومة عربية أكثر تماسكًا، ونموذجًا يحتذى به في العلاقات بين الدول العربية.