سلاح حزب الله بين التفكيك والرفض

نسيم عنيزات

إن الورقة الأمريكية التي قدمتها للحكومة اللبنانية  تتفاعل بشكل كبير على طاولة النقاش اللبنانية، بين مؤيد ومعارض، حتى أنها وصلت إلى الشارع بعد إقرار أهدافها من قبل الحكومة.

وتؤكد «ورقة باراك» نسبة لاسم المبعوث الأمريكي إلى ضرورة تفكيك سلاح حزب الله وتسليمه للجيش اللبناني كشرط رئيسي لمساعدة الحكومة في أزماتها الاقتصادية ووقف الاعتداءات الإسرائيلية.

ففي الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة بأغلبية أعضائها باستثناء ممثلي حزب الله وحركة أمل ضرورة تفكيك وتسليم سلاح حزب ألله للجيش قبل نهاية العام ، يرفض الأخير القرار جملة وتفصيلا.

ومع أن هامش المناورة لدى حزب الله  ليس كما كان سابقا، بعد فقدانه وحليفه حركة أمل، الثلث المعطل في الحكومة بسبب أوضاع المنطقة والظروف الداخلية اللبنانية، والتدخلات الدولية التي انتجت تشكيل الحكومة التي تأخرت أشهر عدة .

 كما يؤخذ بالحسبان أيضا ما تعرض له الحزب من حرب وهجمات إسرائيلية موجعة أجبرته على القبول بشروط الأخيرة والانسحاب لما بعد الليطاني وتعرضه لضغوط  داخلية وخارجية للقبول بالورقة الأمريكية التي نعتقد بأنها ليست بريئة .

ومع إصرار طرفي المعادلة على موقفيهما بين التفكيك والتسليم، أو الرفض فإننا نعتقد ان لكل موقف منهما له ما يؤيده ويدعمه.
وعلى الرغم من التحديات التي تواجه حزب الله خاصة علاقته مع النظام السوري الجديد، بعد الإطاحة بحليفه بشار الأسد وأثره على الإمداد الايراني الذي هو ليس بأفضل حال ايضا، بعد الضربات الأمريكية والاسرائيلية ألموجعة التي أصابت أماكن حساسة ومهمة، ناهيك عن العقوبات الاقتصادية التي تفرضها أمريكا وحلفاؤها الأوروبيون على الصادرات والوارادت الإيرانية .

فان الحزب ينطلق من عدم ايفاء دولة الاحتلال بمضامين الاتفاق والانسحاب من القرى والأراضي اللبنانية التي تحتلها؛ مما يؤكد ضرورة وأهمية المقاومة لردع العدوان هذا أولا.

وبما أن الطرف الآخر أي الإسرائيلي، لم يلتزم في بنود الاتفاق الأخير ولا غيره  وما زال يحتل أراضي لبنانية ويشن غارات شبه يومية على الأراضي اللبنانية الأمر الذي ينسف الاتفاق من أصله.

أما الامر الآخر فإن التاريخ  أثبت عبر تجارب سابقة يصعب عدها أو حصرها عدم احترام إسرائيل والتزامها بأي اتفاق أو ميثاق؛ الأمر الذي يستند له الحزب  في مرافعاته ودفعاته الرامية للتمسك بالسلاح، مؤكدا ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية ووقف عدوانها المستمر ليتم بعدها الحوار والنقاش حول السلاح ونزعه.

في حين تنطلق الحكومة اللبنانية وما يؤيدها من أحزاب من مبدأ  أساسي تقوم عليه الدول بضرورة أن يكون السلاح بيد الدولة فقط، ولا يجوز أن يكون هناك جيش أو دولة داخل دولة؛ الأمر الذي يقوض الأمن والاستقرار ويعطل تطبيق القانون؛ مما يؤثر على حالة الاستقرار والسلم المجتمعي.

كما أن عدم قدرة أي دولة السيطرة على أراضيها كاملة يفقدها الثقة في أي تعامل سياسي واقتصادي سليم مع الدول الآخرى خاصة الدول المانحة والمنظمات والهيئات المقرضة بحجة  عدم الاستقرار أو القدرة على اتخاذ القرارات.

ولا ننسى ايضا التحديات الداخلية والضغوط الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي تتعرض لها الدولة اللبنانية وربطها أي مساعدات إلا بعد نزع أسلحة حزب الله في ظل ما تواجهه الدولة اللبنانية من ظروف وأوضاع اقتصادية صعبة حيث تسعى الدولة والحكومة إلى الخروج من عنق الزجاجة والاستفادة من الفرص الحالية أو المتوفرة الآن.

لذلك فإن لبنان يقف اليوم على مفترق طرق تحدد مستقبله في تجاوز أزمته أو العودة إلى حقبة يسعى اللبنانيون إلى نسيانها وإزالتها من ذاكرتهم.

ومن منطلق إيماننا  بضرورة الحفاظ على أمن واستقرار لبنان الذي عانى حروبا أهلية وظهور فصائل وحركات مسلحة منذ ثمانينيات القرن الماضي كان خلف بعضها أيد خفية هدفت إلى زعزعة أمن واستقرار الأراضي اللبنانية.

الأمر الذي يؤكد ضرورة توفير البيئة والأرضية المناسبة لحوار ونقاش عملي وواقعي هدفه الوحيد لبنان ووحدة أراضيه، ومغادرة مربع المغالبة أو اقتناص الفرص لتصفية حسابات سابقة ، لأنه في النهاية إما أن تربح لبنان أو تخسر، لا سمح الله.