كيف تصنع الدولة معارض أونلاين؟

 نيفين العياصرة 


بكل بساطة… اتركه يكتب، يصرخ، يشتم، يهدد، يتفلسف، ويحلل الأحداث وكأنه يمتلك مفاتيح الملعب كلها… ثم اصبر عليه قليلًا. ستراه فجأة ينتقل من المعارض الشرس إلى المؤيد العاطفي بمجرد أن يلمح له بكلمة: تعال على فنجان قهوة ويكون الفنجان مليان منصب وكرسي دوار. 

اليوم عندنا معارضين اونلاين من نوع كبس الزر… زر أحمر ضد الدولة وزر أخضر معها، مع المسؤول يوم الأحد وضد المسؤول يوم الإثنين، وعلى الفيسبوك والفيديوهات شغل هز كتاف سياسي، نقد حامي على وجع المواطن فيصفق له السحيج ويتعاطف معه المحتاج وهو في باله خطة واحدة... "أوسع القاعدة الشعبية حتى تلاحظني الدولة وبعدين نساوم."

والنتيجة؟ منصب هنا وجاهة هناك ، لقب معالي أو سعادة يلمع على الكرت الشخصي وينقلب اللون من أزرق للأحمر للشفاف حسب مصلحة الجيب والمكتب المكيف.


والطريف أن بعضهم كان يكتب منشورات تحك النعاس، وبعد وهسا بكتب منشورات تحرك الشارع ! كان يطالب بتغيير موعد الاجتماع لأنه عنده مشوار شخصي واليوم بطالب الدولة انها تحترم المواطن وتسعى للتغيير الجذري!.

أما الفئة الأذكى فهي التي تظل على الحياد المايل نصف كلمة ضد ونصف كلمة مع وكأنهم يبيعون بطاطا نص استوى… لا تنحرق ولا تستوي، بس تظل على النار لينضج عرض المنصب وهاي بعاني منها حزب القوقعه. 


وهكذا وبلا أي إحراج تتحول القاعدة الذهبية في السياسة عندنا إلى: عارض… لتوصل وإذا وصلت… سكر هالبوز يا قطروز. 


يا دولة رجاء… اتركوا المتلونين في لوحتهم ولا تعلقوهم على جدار الحكم، لأن لوحة السياسة بحاجة ألوان ثابتة مش ألوان مائية تروح مع أول مطر منصب.


 لأن أخطر ما يواجه الدولة ليس العدو المعلن إنما المعارض المتلون… ذاك الذي يرفع شعار مع الوطن ابن الوطن حين تلمع الكاميرات، ويهتف ضد الوطن حين تطفأ الأضواء فتجده نصفه في الصفوف الأمامية ونصفه الآخر في خندق الخصوم هو الذي وصل مره ولم يصل بعدها لشيء أو الذي لم يصل لشيء ويريد ان يصل لمره.