الوهادنة يحذر من ظاهرة التدريب الطبي الموازي
حذر مدير الخدمات الطبية الملكية السابق وعضو اللجنة الاستشارية لمجلس السياسات الوطني الدكتور عادل الوهادنة من اتساع ظاهرة التدريب الطبي الموازي التي تقدم خارج الإطار الجامعي الأكاديمي في الأردن.
وبين أنها تمثل تهديدا خطيرا لمصداقية الكليات العريقة، وللأسس التي بني عليها التعليم الطبي الوطني.
وأشار الوهادنة إلى أن السنوات الثلاث الماضية شهدت تزايدا غير منظم في الجهات التي تدعي تقديم تدريب طبي سريري، بنسبة تقارب 280%، دون أن تخضع لأي اعتماد أكاديمي، أو رقابة رسمية من وزارة التعليم العالي أو المجالس الطبية.
وأضاف أن 93% من هذه الجهات لا تملك أي اعتراف مؤسسي، مما يعرض الطلبة لخطر الحصول على مهارات غير موثقة أو غير معترف بها، سواء محليا أو دوليا.
واعتبر أن هذه المؤسسات تروج لنفسها عبر وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام مصطلحات مضللة مثل "Fellowship"، "Mini Residency"، و"Clinical Diploma"، مما يحدث لبسا واسعا بين الطلبة، خاصة في ظل غياب التوجيه الأكاديمي الفعال.
وأكد الوهادنة أن التعليم الطبي لا يمكن فصله عن البيئة المؤسسية، وأن علاقة الكلية بالمستشفى الأكاديمي تمثل العمود الفقري لأي تدريب حقيقي، مشيرا إلى أن الورشات القصيرة التي تقدم بمعزل عن الرقابة والاعتماد، تفرغ المضمون الأكاديمي من قيمته، وتحوله إلى نشاط استهلاكي يفتقر للضوابط العلمية والمهنية.
ونوه إلى أن الطب لا يعلم في فراغ، ولا ينقل عبر دورة مسجلة أو ورشة معزولة عن بيئة المستشفى الأكاديمي، واصفا ما يجري اليوم بمحاولة تعليم قيادة طائرة من خلال فيديو يوتيوب.
ولفت إلى أن بعض الدورات تتناول مهارات طبية حساسة مثل الإنعاش القلبي، والخياطة الجراحية، وفحص الأعصاب، دون بيئة إشرافية مرخصة أو أدوات امنة، وهو ما يشكل خطرا مباشرا على المريض لاحقا، وعلى الطالب نفسه.
وانتقد الوهادنة ما وصفه بـ"التواطؤ غير المباشر" لبعض الشخصيات غير الأكاديمية التي تشارك أو تسوق لتلك الأنشطة بعناوين فضفاضة، مما يساهم في شرعنة هذه الدورات، حتى دون إدراك تبعاتها القانونية أو الأخلاقية.
وأوضح أن غياب الدور الرقابي للمجالس الطبية والنقابات، وعدم وجود وحدة مختصة في وزارة التعليم العالي لمتابعة هذا الملف، جعل من هذه الأنشطة "مناطق رمادية" يصعب ضبطها أو محاسبة القائمين عليها.
ودعا الوهادنة إلى تحرك وطني عاجل لحماية التعليم الطبي الأردني من هذا المسار الخطر، عبر أربعة محاور رئيسية، وهي تعديل تشريعي واضح يمنع تقديم التدريب السريري إلا تحت مظلة أكاديمية معترف بها، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية توضح الجهات المصرح لها بالتدريب، وتصنف نشاطها بدقة.
كما دعا إلى تفعيل الشراكة بين الجامعات والمستشفيات الرسمية والخاصة لتقديم تدريب مواز مشروع، يخضع لمعايير الاعتماد، ويستفيد من الكفاءات الطبية في الميدان، كذلك إطلاق حملات توعية رسمية ومهنية من وزارة التعليم العالي ونقابة الأطباء، لتحذير الطلبة من الانخراط في مسارات غير معترف بها أكاديميا.
وشدد الوهادنة على أن الجامعات الأردنية العريقة، مثل الجامعة الأردنية، جامعة العلوم والتكنولوجيا، اليرموك، والهاشمية، إلى جانب المستشفيات التعليمية الوطنية مثل الخدمات الطبية الملكية، ومستشفيات وزارة الصحة، تمتلك بنى تحتية ومرافق تدريبية قادرة على سد الفجوة التطبيقية دون الحاجة للجوء إلى مسارات غير موثوقة.
وأضاف أن التعليم الطبي الأردني ليس منتجا تجاريا، بل إرث علمي بناه أطباء وعلماء ومؤسسات بجهد طويل وشاق، والتفريط بهذا الرصيد تحت مسمى "المرونة" أو "البديل"، هو إساءة لا تغتفر للهوية الأكاديمية الأردنية، وتهديد مباشر لمستقبل مهنة الطب في وطننا.
الرأي