ماذا يجري حولنا؟ والخطة «ب»

نسيم عنيزات

إن ما يجري حولنا من أحداث ومخططات أصبح مكشوفًا وواضحًا لا يحتاج إلى تحليل أو تأويل.

فكل ما يجري في منطقتنا من أحداث ليس صدفة، بل نتيجة حتمية لخططٍ تم وضعها مسبقًا، والعمل جارٍ على تنفيذها، لتحقيق أهدافها التي أصبحت قريبة من أي وقتٍ مضى، وبطريقها نحو الاكتمال والنهايات.

فأحداث غزة، وما يجري في القطاع من تجويعٍ وإبادة، تهدف إلى إنهاء المقاومة وتهجير أهلها قسرًا، سعيًا لبسط النفوذ وإتمام المخططات الاقتصادية، حتى إن المفاوضات هي مسرحية هزلية عبثية، لأن الهدف تحرير الأسرى ونزع أسلحة حماس.

وما يجري أيضًا في سوريا ليس بعيدًا، خاصة موضوع الدروز، ومحاولة تهجيرهم، وإضعاف السلطات السورية وتحييد دورها في منطقة السويداء، لجعلها منطقة منزوعة السلاح، بما يسمح للاحتلال بأن يصول ويجول فيها عند الحاجة دون معيقات أو عقبات.
فالقوى المهيمنة تسعى إلى التخلص من جميع التنظيمات والفصائل المسلحة في المنطقة ونزع سلاحها بجميع الوسائل، بما فيها العسكرية وشنّ الحروب عليها، وهذا ما تم في لبنان بعد ضرب حزب الله والضغط عليه لنزع سلاحه.

ولا ننسى أيضًا الضربة الأمريكية والإسرائيلية الموجعة لإيران، للقضاء على طموحها النووي وإضعافها أيضًا، خاصة بعد إضعاف أذرعها في المنطقة.

هذا كله ليس عبثًا، أو ردّ فعل على أحداث عملية الأقصى فقط، بقدر ما كانت فرصة التقطها الاحتلال ودعمتها الولايات المتحدة لإعادة ترتيب المنطقة، حسب خططها وما يحقق أهدافها في السيطرة وإعادة النفوذ، وبناء تحالفات جديدة بقيادة إسرائيل ومساعدة بعض الدول في منطقتنا.

وكان لا بد أولًا من التخلص من جميع التنظيمات والفصائل، مهما كانت أيديولوجيتها، حتى لا تكون عائقًا أمام أي مشروع أو ترتيب قادم، قد يُربك المشهد أو يؤثر على عملية السير فيه.

وكما أشرنا سابقًا، فإن المخطط أصبح أكثر وضوحًا فيما يتعلق بإضعاف المنطقة وإخضاعها للمخططات القادمة دون اعتراض أو حتى إبداء رأيٍ فيما سيجري لاحقًا، بحيث تصبح دولة الاحتلال هي الشرطي والمتحكم في جميع القرارات، مما يمهد الطريق أمام سيطرة أمريكية كاملة دون أن ينازعها أحد.

بهدف قطع الطريق أمام النفوذ الصيني ومحاربته اقتصاديًا، بعد السيطرة على جميع المنافذ والطرق التجارية، لمنعها من استيراد النفط أو تصدير بضائعها، إلا ضمن شروط تجارية سيتم وضعها وفرضها أمريكيًا لاحقًا.

فكل ما جرى ويجري من أحداث يؤكد أنها تتم بتوافق أمريكي–إسرائيلي، لإحكام السيطرة وإعادة الترتيب من جديد، لإقصاء الدول العظمى، خاصة الصين، بعد انحسار الدور الروسي وانشغالها بحربها مع أوكرانيا التي أشعلتها الولايات المتحدة الأمريكية لتأكيد أحادية القطب.

وعلينا أن نعلم بأن إسرائيل لا تعمل من رأسها، بل هي أداة أمريكية تنفذ ما يُطلب منها، للمحافظة على وجودها وضمان بقائها.
وفي خضم الأحداث وتشابك أجندتها وتضارب مصالحها، نجد أنفسنا في قلب أحداثها، وأننا لسنا بمنأى عنها أو بعيدين عن الاكتواء بنارها، على الرغم من سياساتنا المعتدلة وتحالفاتنا الدولية، لأن كل شيء قد تغيّر الآن.

مما يتطلب استعدادًا واستدارة داخلية بكل عناوينها ومفاصلها، واللجوء إلى الخطة «ب» إن وُجدت، للمحافظة على مصالحنا وحماية استقرارنا والخروج بأقلّ الخسائر.