ضرورة مضاعفة الجهود للحد من التهرب الضريبي ومحاربته

جفرا نيوز- ناقش اكاديميون مختصون امس في حرم الجامعة الاردنية، خلال ندوة رعاها رئيس الجامعة الدكتور اخليف الطراونة ابعاد قرار الحكومة الاخير المتضمن تحرير اسعار المشتقات النفطية.
وقدم المشاركون في الندوة اوراق عمل متخصصة تناولت مبررات القرار والبدائل المتاحة، وآلية التعويض ومدى عدالتها، والحلول والبدائل المقترحة في المدى القصير والمتوسط والبعيد.
ووصف الوزير السابق والاكاديمي الدكتور محمد عدينات في ورقة العمل التي قدمها خلال الندوة القرار الحكومي بتحرير اسعار المشتقات بـ «المتعجل»،مشيرا الى انه كان بامكان الحكومة التريث وتأجيل القرار الى وقت آخر، خاصة في ظل وجود خيارات أخرى يمكن اللجوء اليها وتحقيق جزء من الهدف المتمثل بخفض عجز الموازنة.


وتناول الدكتور عدينات عددا من البدائل التي كان يتوجب على الحكومة اللجوء اليها وذكر منها، ضرورة بذل المزيد من الجهود والتكاتف بين اجهزة الدولة المختلفة للحد من التهرب الضريبي ومحاربة بكافة الوسائل باعتباره يشكل استنزافا لخزينة الدولة، مشيرا الى ان حجم التهرب الضريبي يبلغ مئات الملايين.
كما دعا الدكتور عدينات الى ضرورة وقف الدعم الحكومي لشركة مصفاة البترول الاردنية والتسريع في اجراءات التحرير الكامل لسوق المشتقات لايجاد حالة من المنافسة في القطاع مع عدم تحميل الدولة لاعباء اضافية في هذا الجانب، اضافة الى تعديل قانون ضريبة الدخل واعادة النظر باوضاع المؤسسات المستقلة واعطاء الاولوية لمشاريع الطاقة من خلال ما يقدمه صندوق الدعم الخليجي للمملكة.
واكد ان سياسة دعم الاسعار تعتبر من أسوأ سياسات الدعم، لانه ينتج عن ذلك صورا عديدة من التشوهات منها عدم الكفاءة الاقتصادية وسوء توزيع الموارد وزيادة عجز الموازنة العامة للدولة وتراجع حجم الاستثمار وتباطؤ النمو الاقتصادي.
وقال ان الحكومات السابقة كان يجب عليها ان تتبنى سياسات اخرى بديلة لسياسات الدعم التي ادت الى زيادة عجز الموازنة،الذي يؤدي بالعادة كما هو معروف اقتصاديا الى تخفيض تصنيف الجانب المقترض من قبل المؤسسات الدولية مما سيؤدي الى ارتفاع كلف الاقتراض وبالتالي تراجع مؤشرات الاستثمار والابطاء فيه ومزاحمة القطاع الخاص على السيولة المتوفرة لديه من خلال اصدار سندات خزينة.
وفيما يتعلق بالمديونية قال الدكتور عدينات ان هناك مخالفة واضحة وصريحة لقانون الدين العام الاردني الذي يقضي بعدم تجاوز الدين حاز الـ 60% من الناتج المحلي الاجمالي و حاليا يتجاوز الـ 71%، مشرا الى ان نسبة الدين العام بلغت 212%عام 1989 عندما تراجعت قيمة الدينار بشكل كبير.
واشار الدكتور عدينات الى ان المشكلة الحقيقية التي تواجهها الحكومة حاليا هي تمويل العجز في الموازنة، مشيرا الى ان الحكومة تجاوزت في السنوات الاخيرة نسب الدين المقبولة في الدين الداخلي والذي يبلغ 11 مليار دينار حاليا، وهذا ما دفع الحكومة الى اللجوء الى صندوق النقد الدولي للاقتراض، مما يخضعها الى شروط الصندوق التي تتطلب تصحيحا للتشوهات الاقتصادية المختلفة وكان منها التشوه في سياسة الدعم لاسعار المحروقات.
وقال الدكتور عدينات ان الاقتصاد الاردني سيشهد حالة لا بأس بها من التضخم في العام المقبل 2013.
من جانبه قدم مدير المرصد الاقتصادي في الجامعة الاردنية الدكتور طالب عوض، ورقة عمل متخصصة حول تقييم آلية الدعم، مشيرا الى ان سياسة الدعم عموما تسهم في سوء تخصيص الموارد الاقتصادية ومفاقمة العجز التجاري من خلال زيادة الاعتماد على الطاقة المستوردة المدعومة.
وقال الدكتور عوض ان سياسة الدعم في قطاع المحروقات ادت الى تراجع كفاءة توليد الطاقة في المملكة بنسبة 36%، والمبالغة في استهلاك الطاقة، مشيرا الى ان سياسة الدعم عموما كانت تخدم الفئات مرتفعة الدخل التي تستهلك طاقة بكميات كبيرة مقارنة بذوي الدخول المتوسطة والمتدنية.
ونوه الى ان سياسة الدعم التي كانت متبعة تسهم في تشوه العدالة الاجتماعية، وساهمت في تشوهات اقتصادية عديدة منها على سبيل المثال تسرب الدعم الى غير الاردنيين المقيمين في المملكة، مؤكدا على ضرورة ايصال الدعم للمستحقين والتقليل ما امكن من آثاره السلبية على خزينة الدولة التي تعاني اصلا صعوبات مالية.
وتطرق الدكتور عوض الى مسألة ما بعد الدعممشيرا الى ان المرصد درس الارقام الحكومية من حيث قيمة الدعم وعدد افراد الاسر ووجد ان الارقام قريبة جدا من الدراسات الحكومية، مشيرا الى ضرورة ايضاح آلية الدعم في حال تراجع اسعار النفط العالمية عن 100 دولار للبرميل وضرورة عدم وقف الدعم كليا في المستقبل واللجوء الى اسلوب التدرج.
مدير مركز المياه والطاقة والبيئة في الجامعة الاردنية الدكتور احمد السلايمة قدم ورقة عمل تناولت الحلول والبدائل المقترحة على المدى المتوسط والبعيد.
وقدم الدكتور السلايمة شرحا مفصلا حول حجم الطلب العالمي على الطاقة بكافة انواعها ومقارنة الارقام بالطلب المحلي في المملكة،مشيرا الى ان قطاع النقل يستهلك نحو 38% من اجمالي الطاقة المستوردة وارجع ذلك الى وجود اختلالات كبيرة في القطاع يجب اعادة تصويبها واهمها عدم كفاءة وسائط النقل العام مما يضطر المواطنين الى استخدام مركباتهم الامر الذي سيسهم في زيادة الطلب على المحروقات وزيادة التلوث.
وفي نهاية الندوة التي ادارتها الدكتورة رولى الحروب جرى نقاش موسع بين المشاركين في الندوة والحضور تم خلاله الاجابة على العديد من التساؤلات التي افرزتها اوراق العمل المقدمة.
ومن المتوقع ان يتم يوم الاربعاء المقبل الاعلان عن توصيات الندوة ورفعها الى اصحاب القرار في الحكومة للاطلاع عليها والاستئناس بها في أية قرارات اقتصادية مستقبلية، لا سيما في قطاع الطاقة.