«لا شكر على واجب»!
بشار جرار
وكأنه لسان حال إيران ردا على شكر ترمب لقيادتها، على ما وصفه الرد الضعيف جدا على الضربة الأمريكية التي أكد أنها قضت على القنبلة النووية، بتدمير الطائرات الشبحية بقنابلها الخارقة الحارقة المتفجرة لمنشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية.
«لا شكر على واجب» قولٌ حسن، إن سلمت النوايا وخلصت. فمن «واجب» أي نظام في العالم أن يحتفظ بحقه في البقاء، سيما إن زعم أن وصوله إلى السلطة، إنما جاء في ثورة شعبية صار لها حرسا ثوريا، بات يزاحم -إن لم يكن يهيمن- على الجيش وسائر مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية والروحية، في نظام يقوم على «ولاية الفقيه». فقيه في أمور الدين وفقا لرؤية مذهبية، أو لعلها بحسب ما تراه ثلة أو طغمة حاكمة احتكارا لشؤون الدين والدنيا معا، بحيث تكون اليد العليا لا الكلمة العليا بل الرصاصة الأخيرة في بندقية «المرشد»، وهي تسمية يفترض أن تكون إرشادية أو استرشادية لا انفرادية إقصائية.
«لا شكر على واجب» لم تقلها فقط إيران «افتراضيا»، بل قالتها واقعيا أسواق المال الأمريكية. فبينما تم اعتراض ثلاثة عشر صاروخا متوسط المدى من أصل أربعة عشر أطلقتها إيران مساء الإثنين، وسُمح -بحسب ترمب- للصاروخ الأخير بالسقوط في مكان ليس ذي قيمة، استمعت الأسواق لنداء الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بعدم القلق من التصعيد اللفظي والوعيد الإيراني، فعوضا عن ارتفاع أسعار النفط وتراجع المؤشرات المالية والاقتصادية ومن أهمها مؤشرات «داو» و»ناسداك» و «إس آند بي خمسمئة»، أتت الأرقام كلها في صالح ترمب خضراء وبعضها شديد الاخضرار -أي بارتفاعات قياسية- الأمر الذي فُسّر بأنه قائم على معرفة ما كان خافيا، وهو أن الأمر أقرب إلى سيناريو تصفية قاسم سليماني الذي تعمّد ترمب ذكر اسمه في بيانه المقتضب للغاية إثر ضربة ليلة السبت على الأحد، فيما أطلقت عليه أمريكا اسم عملية «مطرقة منتصف الليل».. أما «بشائر الفتح»! التي أطلقتها طهران على الشقيقتين دولة قطر وجمهورية العراق، فكانت على نحو لا يفهم منه إلا ذلك «الاستسلام غير المشروط» الذي طلبه ترمب من خامنئي مرشد الثورة الإسلامية في إيران.
إن رأت هذه السطور النور دون تصعيد أمريكي أو إسرائيلي أو إيراني، فإننا أقرب إلى صفقة دافعها النجاة برأس النظام أو النظام برمته، إثر مكاشفة ترمب قاعدته الحزبية والشعبية بأنه لا بأس من السماح بتغيير «في» النظام في حال كان الهدف «ميغا» اختصارا لشعار طرحه في نهاية ولايته الأولى ألا وهو «لنجعل من إيران عظيمة مجددا»! فهل يجد ترمب في علي خامنئي أو ابنه مجتبى شريكا في «اليوم التالي» شرق أوسطيا، أو تكون عودة لما قبل عودة خميني من باريس إلى طهران قبل ستة وأربعين عاما، ولجوء الشاه الراحل محمد رضا بهلوي إلى مصر ودفن جثمانه في ثراها وفاء وتكريما من الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات لمواقف إيران إزاء مصر؟ بحسب وريث العرش النظام آيل للسقوط حيث دعا ابن الشاه الراحل من باريس أيضا خامنئي إلى التنحي إنقاذا للبلاد.