الكنفدرالية هروب من الواقع

جفرا نيوز - المحامي فيصل البطاينه بالرجوع إلى حديث الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن الكونفدرالية يتبين للقارئ ما يلي:
ان السيد محمود عباس يتحدث عن الكونفدرالية كحديث أجيالنا السابقة عن الوحدة العربية المنتشره يوم كنا نطالب بالوحدة ونحن غير قادرين على توحيد قطرين من أصل عشرين أو ثلاثة وعشرين قطر عربي ممزقة عن قصد وتصميم وترتيب استعماري ابتدأ من سايكس بيكو يوم وضعت أنظمة مختلفة للدول العربية تبدأ بالمشيخات وتنتهي بالملكيات وتمر بالجمهورمليكات. كنا نتحدث عن الوحدة العربية ونحن نعرف ان شعبنا واحد ولكن قياداتنا ليست واحدة وليس من مصلحتها الوحدة والتوحد.
وعودة للموضوع وبعد أن حصلت السلطة الفلسطينية على ما اعتبرته مكسباً لها كعضو مراقب تتمتع بحق المراقبة فقط والذي لا يعتبر انجازاً وطنياً بتضحيات الفلسطينيين يقاس بجحافل الشهداء الذين قدمهم الفلسطينيون على صخرة صمودهم وعلى مرآى من المجتمع الدولي بعامة والعربي بخاصة.
الرئيس محمود عباس يبشر بالكونفدرالية مع الأردن بعد أن عجز أن يحققها داخل فلسطين سواء مع قطاع غزة أو مع المسلوب سنة 1948 أو حتى مع فلسطيي الشتات في سوريا ولبنان الذين أصبحوا يعيشون في مخيمات تهجير جديدة داخل الأردن وخارجه.
الكنفدرالية التي ينادي بها الرئيس الفلسطيني كانت احدى طروحات بيريس بكونفدرالية تجمع فلسطين والأردن واسرائيل حيث كانت احدى الألاعيب الصهيونية الأمريكية لابتلاع ما تبقى من الأرض الفلسطينية والأردنية وبعد أن انكشف الأمر جاء شارون بأفكاره السوداء التي تقول أن الأردن هي أرض الفلسطينيين وفلسطين كاملة هي لليهود حيث بدأت تتبلور آنذاك فكرة الوطن البديل التي وأدها الفلسطينيون والأردنيون منذ ذلك الحين.
لذا فإن الحديث عن الكونفدرالية الفلسطينية الأردنية في هذه الأيام لا يتعدى كونه تعبير عن اليأس من عودة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني مثلما هو تعبير عن اليأس من ولادة الدولة الفلطسينية بالمفهوم الدستوري للدولة بعناصرها الثلاثة الأرض والشعب والسلطة والسياسية.
وتعود بنا الذكرى إلى سنة 1948 يوم احتلت العصابات الصهيونية جزء غاليا من فلطسين واقامت عليه دولة صهيونية بعد أن مزقت أوصال فلسطين لتترك ما تبقى من الضفة الغربية وديعة لدى الأردن وتترك قطاع غزة وديعة لدى مصر, ومن أجل ان تعطي اسرائيل الفرصة لترتيب شؤون كيانها المزروع على الأرض الغربية وافق المستعمر على قيام الوحدة بين الضفتين سنة 1951 حيث تضمن قرار الوحدة (مع عدم المساس بالتسوية النهائية للقضية الفلسطينية إلا من خلال اجماع عربي على التسوية) والمعنى بذلك عودة الضفة والقطاع إلى الدولة الفلطسينية حسب المفهوم الوطني و إلى الاستسلام للواقع الصهيوني حسب المفهوم الأمريكي الصهيوني.
إلى أن جاءت سنة 1967 واحتلت الضفة الغربية من جديد لتلحق بدولة الكيان الصهيوني وتنضم مع قطاع غزة من جديد بعد أن الحق بالكيان اللعين أيضاً فتوحد ما تبقى من فلسطين وحدة محتلين من قبل الاحتلال الصهيوني وتحاك المؤامرة من جديد بأن يصدر قرار الرباط الذي اعتبر منظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني مما يعني الالتفاف على وحدة الضفتين. أولاً وعلى مسؤولية الدول الغربية عن تحرير فلسطين. ثانياً وتجسد ذلك في قرار فك الارتباط سنة 1988 مثلما تأكد من خلال مؤتمر مدريد سنة 1990 وانكشف المخطط بوضوح في اتفاقية اوسلو التي مضى عليها أكثر من عشرين عاماً دون أن يحقق الفلسطينين من خلالها اي مكتسب ودون أن يعيدوا اي من حقوقهم المشروعة.
وخلاصة القول لم تكن المشكلة ذات يوم بين الأردنيين والفلسطينيين لأنهم شعب واحد تقطعت أوصاله مرات عديدة من المحيط إلى الخليج, ولا ندري عن الدافع لدى القيادة الفلسطينية في هذه الأيام من التلويح بالكونفدالية بمجرد أن حصلت السلطة الفلسطينية على وضع جديد لها اسمه عضوية دولة اسمها مراقب لا تعطيها أي حق من حقوق الدول الأعضاء سوى حقها في المقاضاة أمام محكمة الجنايات الدولية, وهذا الحق لا يساوي بخطورته جزء من مخاوف الأردنيين على استمرار دولتهم التي يهددها الصهاينة تاره بالوطن البديل وتاره بتوزيعها على دول الجوار وكأن الأردن ليست دولة عريقة بتاريخها ومؤسساتها خاصة منذ انشاء عصبة الأمم التي استثنت الأردن من وعد بلفور المشؤوم الذي قامت دولة الصهاينة على اساسه بموافقة هيئة الأمم المتحدة سنة 1949.
لذا وحفاظاً على الحقوق العربية العامة والخاصة على كل مسؤول عربي مخلص للأردن وفلسطين أن يستنكر ويستهجن موضوع الكونفدرالية المطروحة في هذه الأيام بالذات لما فيه من تهديد للوحدة الوطنية الأردنية شعباً ودولة وضياع للحقوق المشروعة الفلسطينية مذكرين ومستذكرين أنه عند قيام الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني المستقل وعاصمتها القدس الشريف يشرف أي قطر عربي أن يدخل مع هذه الدولة المنشودة في اي وحدة وتحت أي مسمى.

حمى الله الأردن والأردنيين وان غداً لناظره قريب.


نعتذر عن قبول التعليقات بناء على طلب الكاتب