يوم صحفي بامتياز


نيفين عبدالهادي

يوم صحفي بامتياز، نعيش فيه حالة من «جردة حساب» لما تقدّم، وتخطيط لما هو آت، بمهنية ومصداقية، وأسس تقديم المعلومة كما هي ومن مصدرها، يوم يحمل رمزية هامة تربط الحرية بالصحافة، ففيها تؤدي مهمتها كاملة بكل مهنية ونضج، بعيدا عن الاشاعات والأكاذيب، والأهم بصورة صحفية حقيقية، بعيدا عن البحث عن الشهرة وجمع «الاعجابات» على ما يُنشر كما هي وسائل تبادل المعلومات الافتراضية!!!.

اليوم العالمي لحرية الصحافة، قليلون من يحق لهم الاحتفال بهذا اليوم، فللأسف أن مؤشرات الحريات الصحفية قليلا ما تُسجل ارتفاعات، فما تزال عقلية الخوف من الصحافة تسيطر على أذهان البعض، وأنا هنا أتحدث على مستوى العالم بالطبع، ذلك أن الأردن يحظى برعاية ملكية سامية للحريات، ونهج عمل أطلقه جلالة الملك عبد الله الثاني بأن الحرية في الأردن سقفها السماء، وهذا في واقع الحال نهج عمل حقيقي يجعل من حرية التعبير في الأردن مطلقة عنانها السماء، لا يقف أمامها شيء ما يجعل من مسؤولية تقديم المعلومة الصحيحة ملقاة على عاتق فرسان الكلمة، ونشامى القلم، بشكل كبير فما بين الحرية والعشوائية شعرة صغيرة تحتاج أعلى درجات المهنية سيما في مرحلة كهذه التي نمر بها هي الأكثر حساسية منذ عشرات السنين.

في الأردن، حققت الحريات الصحفية، وحرية التعبير وفرد مساحات للرأي والرأي الآخر، الكثير من الإنجازات، وأقول الكثير من الإنجازات، مبتعدة عن لغة القول المطلق، فما يزال أمامنا الكثير بهذا الإطار يحتاج تحديثا وتطويرا، حتى نحسم كلماتنا بقولنا إننا نتمتع بالحرية التي نأمل، وبالطبع نحن مسؤولون أو ضمن المسؤولين لتحقيق هذه الغاية، بالسعي لرفع الكفاءة والتدريب والتشبث بالمهنية والمصداقية، وكسر جدران احتكار المعلومة من أي صانع قرار وهذا يكون بالمهنية والمصداقية، والتشديد على أولوية المصلحة الوطنية فهذا هو جوهر رسالة الصحافة الحرة، وهذا هو السائد الأردني صحفيا وإعلاميا، في ظل إرادة سياسية عليا بحرية سقفها السماء.

وفي ظل هذه البيئة الخصبة للحريات، تؤكد الحكومة مواصلتها الالتزام بدعم حرية الصحافة والإعلام، ليس هذا فحسب وفقا لوزير الاتصال الحكومي الدكتور محمد المومني أمس، إنما أيضا حرص الحكومة على تكريس بيئة تضمن حق الصحفيين في أداء رسالتهم بشفافية ومهنية ضمن إطار من احترام القانون وصون المصلحة الوطنية العليا، لتصبح بذلك الصورة واضحة والدرب سهلا أمام الصحفيين، للقيام بواجبهم الذي يعدّ اليوم غاية في الأهمية، لما يشهده العالم من حرب معلومات وماراثونات بتبادلها، علاوة على حرب في حماية الحقائق وتوثيقها، وهذا الدور لن يقوم به سوى الصحافة والإعلام، بمهنية وفراسة.

ولا يمكننا في يوم يحتفل به العالم بحرية الصحافة، إلاّ أن نتوقف أمام ما يعانيه زملاؤنا في غزة والضفة الغربية حرّاس الحقيقة، حيث ارتفعت نسبة الأسرى من الصحفيين عشرات المرات خلال الحرب على غزة، وتجاوز عدد شهداء الصحافة في غزة والضفة الغربية المئات، وتتخذ إسرائيل بحقهم كافة أشكال التنكيل والتعذيب والانتهاكات لمنعهم من القيام بواجبهم، ليبقى مفهوم الحرية بعيدا كل البعد عن الصحافة في فلسطين، ولا رابط بينهما بالمطلق، وربما هو يوم على العالم أن يجعل من الحرية واقعا في فلسطين، وأن تكون فرصة لتوفير صيغ آمنة ليقوم الصحفيون الفلسطينيون بمهمتهم بعيدا عن جرائم إسرائيل بحقهم، إسرائيل التي تدرك جيدا أهمية دور الصحافة والإعلام خلال هذه المرحلة فهو حقيقة الأداة الاكثر فاعلية لحراسة وحماية الحقائق، والرواية الفلسطينية.

يوم يتكرر سنويا، تقرأ به إنجازات، وتسجّل به تراجعات، وتبقى الحرية بما يأمله الصحفيون على مفترق طريق أن تكون حاضرة بالمطلق، أو حاضرة بتواضع، أو غائبة تماما، لكنه يوم صحفي بامتياز يحق لنا في الأردن أن نؤكد به على منجزنا، ونبني على ما تحقق حتى الآن.