ليس صحيحا …ما يقوله النائب ينال فريحات… بخصوص إصلاح النظام


الدكتور محمود عواد الدباس 

1/4
استمعت أمس إلى مقطع قصير من مقابلة النائب ينال فريحات مع قناة الجزيرة. قال فريحات إن الإخوان خلال فترة الربيع العربي طالبوا بإصلاح النظام وليس بإسقاطه. في هذا السياق، واستنادا إلى متابعتي الذاتية خلال الفترة (2011-2014 م)، أقول إن هذا الكلام فيه تضليل. نعم، إن عنوان المطالبة كان المطالبة بإصلاح النظام، لكن ماذا كان مضمون ذلك الإصلاح؟ كان تحويل الملك من ملك فعلي إلى ملك شكلي عبر تعديل المواد الدستورية التي تخص صلاحية الملك في تشكيل الحكومة وفي حل مجلس النواب. إضافة إلى مطالبتهم بإعادة قادة حماس إلى الأردن. إلى درجة أن رئيس الوزراء الذي اعتبر في ذلك الوقت أنه قريب منهم، وهو عون الخصاونة، قال في مجلس النواب: "ستعمل حكومتي على تصويب ما تعتقد أنه خطأ دستوري". في ذلك الوقت كتبت مقالة قلت فيها إن عون الخصاونة أقرب إلى الإسلاميين، وفي الوقت ذاته كان مدير المخابرات في اتجاه معاكس، لذلك غادر الخصاونة سريعا.

2/4

في فترة الربيع العربي، لم يقبل النظام السياسي الأخذ بالتعديلات الدستورية التي يريدها الإسلاميون ومعهم الحراك الشعبي. وبدلا من ذلك، قدم النظام السياسي الإصلاحات الدستورية التي يعتقد أنها مناسبة جدا. كردة فعل على ذلك، رفض الإخوان الدخول في انتخابات العام (2013 م) رغم أنها خصصت سبعة وعشرين مقعدا للقوائم الانتخابية على مستوى الدائرة العامة. أما سبب ذلك التصلب الإخواني وقتها، فهو يعود إلى محاولة تكرار نجاحات الإخوان في تونس والمملكة المغربية ومصر. كانت تلك النجاحات تلهب مشاعر الإخوان هنا. حتى أن أحد قيادات الإخوان قال في محاضرة في الجامعة الأردنية: "ربحنا مصر وسنربح الأردن". لكن لاحقا، وبسبب سقوط حكم الإخوان في مصر في العام 2013 م، وما حدث بعد ذلك مع الشهيد معاذ الكساسبة في العام 2014 م، فقد كان لذلك تداعيات جذرية أبرزها حدوث انقلاب جذري لدى الرأي العام الأردني الذي خشى الفوضى والدمار. في نهاية تلك السنة، وجهت الحكومة الأردنية ضربة بقوة خمسين بالمئة إلى الإخوان عندما سحبت ترخيصهم مع إعطاء رخصة إلى جمعية الجماعة، مما أحدث انقسامًا عاموديًا داخل الجماعة. 

3/4
  تعتبر العقلية البراغماتية هي الأساس الذي تسير عليه جماعة الإخوان المسلمين، والتي تعني استخدام عدة أساليب منها: خذ وطالب، ثم الهجوم في حالة القوة، والسكون في حالة الضعف. لكن ما يقوله النائب ينال ليس كلامًا براغماتيًا بكل تأكيد. ما يقوله النائب ينال فريحات يصلح أن يقال في حال المد الإخواني وليس الآن بعد كل ما تم. لذلك، فهو في حديثه مع قناة الجزيرة بخصوص إصلاح النظام أيام الربيع العربي، وفي حديثه مع قناة BBC بخصوص التهديد المبطن بخصوص تحذيره من الانفلات الأمني بما يخص شباب الإخوان بعد حل وحظر الجماعة، لم يراع سعادة النائب أن هنالك معطيات جديدة قاسية جدا على التيار الإسلامي وطنيا وعربيا وعالميا، وهي معطيات تتطلب الصمت أو الرجاء وليس الندية أو تقديم قراءة مضللة لما تم في الربيع العربي أو التهديد المبطن.

4/4

ختاما، إذا كانت الحركة الإسلامية بشقيها، المحظور وهو الجماعة، والمسموح إليه الآن وهو الحزب، حريصة على الخروج بأقل الخسائر، فإن الأفضل هو تغيير لغة الخطاب. إذ أن القليل من الانحناء ربما يكون فيه طوق النجاة لهم. أما الاستمرار في الندية أو تقديم القراءة المضللة والتهديد المبطن فسيكون لها نتائج سلبية أكثر وأكثر. بكل تأكيد أن طاقة ينال فريحات اللغوية يجب أن تستخدم في إنقاذ الحركة الإسلامية وليس التسبب بمزيد من الخسائر لها.