العزة يكتب : اعتصام أم مؤامرة؟

رامي رحاب العزة

ما حدث في اعتصام الرابية يوم أمس، رغم نبله في الظاهر، كشف عن وجوه مأجورة لا تمثّلنا، ولا تمثّل قضية غزة التي تسكن قلوب الأردنيين. لقد تحول الاعتصام – الذي خرج بدافع إنساني ووطني – إلى مشهد عبثي بفعل قلّة مندسّة لا هدف لها سوى التخريب، والإساءة، وجرّ الوطن إلى أزمات لا تُحمد عقباها.

الإساءة للأجهزة الأمنية والجيش الأردني أمر دخيل على ثقافتنا الوطنية، ومرفوض جملةً وتفصيلًا. نحن نعلم يقينًا أن وراء هذا الانحراف جهات مشبوهة، وأصوات مأجورة تنفذ أجندات لا تمت لقضية غزة بصلة، بل تسعى لتخريب أي حراك نقي وتحويله إلى ساحة صراع ضد الدولة.

لا تراهنوا على صبر الدولة. ولا على حِلم أجهزتنا الأمنية. ولا على سكون هذا الشعب.

أمن الأردن خط أحمر. والمندسون – من حيث يعلمون أو لا يعلمون – يلعبون دورًا مدفوع الأجر في مسرحية هزلية، نهايتها معروفة: خراب ودمار.

إن سكوتنا اليوم ليس ضعفًا، بل حفاظًا على وطنٍ نحبّه ونخشى عليه. ولكن الصبر لا يعني الغفلة، والحِلم لا يعني السماح بالتطاول على رموز الدولة وحماة الوطن.

في دول العالم الكبرى، يتم التعامل مع المخربين بقبضة من حديد، وتُفرض عليهم عقوبات قاسية تليق بما ارتكبوه من إساءة للوطن والمجتمع. فكم تحمّل الأردن؟ وكم صبر؟ آن أوان الحزم.

ويجب أن يكون واضحًا للجميع: كل من يشارك في تخريب الوطن لا فرق إن كان مواطنًا عاديًا أو نائبًا في البرلمان.

النائب الذي كان يُفترض أن يكون صوت المواطن، أصبح خذلانًا لكل من وثق به. أين دوره في التشريع؟ في الرقابة؟ في الإصلاح؟ أين إنجازه الذي يُذكر؟ حان الوقت لإعادة النظر في هذه الفئة.

أما المواطن الذي باع ضميره وقبض ثمن خيانته، فهو خائن لا يستحق صمتنا. يجب فضحه، وكشف الجهات التي تدفع له وتستغله.

غزة قضيتنا. قلوبنا معها، ودعاؤنا لا ينقطع.
جلالة الملك لم يتخلَّ يومًا عنها، وتحمّل ضغوطًا لا تُحصى بسبب مواقفه المشرفة.
جيشنا، وأطباؤنا، وأجهزتنا، من وزارة الصحة والخدمات الطبية، يعيشون الآن في غزة، يتألمون مع أهلها، ويقاسمونهم الألم والوجع.

فهل هؤلاء يستحقون الإهانة من حفنة مرتزقة؟ هل يُعقل أن نشكك في من يحملون أرواحهم على أكفهم لأجل قضية نؤمن بها جميعًا؟

من أراد أن ينصر غزة، فليفعل ذلك بالدواء، والغذاء، وأقل مقومات الحياة. لا بإشعال نار الفتنة داخل وطن آمن.

حفظ الله الأردن، وحفظ قيادته وجيشه وأجهزته، ورفع البلاء عن أهلنا في غزة، ورد كيد كل خائن في نحره.