البودكاست العربي: هل نعاني من فائض المحتوى أم نقص التنوع؟

سالي الأسعد

فرضت برامج البودكاست نفسها بقوة على واقع الاعلام الإعلامي  اذ كانت صناعة البودكاست محوراً أساسياً للنقاش حول مستقبل الإعلام الرقمي.
 
في قمة المليار متابع في دبي، حيث اجتمع صُنّاع المحتوى والمبدعون من مختلف أنحاء العالم العربي.

كإعلامية أتابع عن قرب كل ما يُطرح من محتوى عربي، أثارت الندوات التي خصصت لمناقشة واقع البودكاست تساؤلات في ذهني: هل أصبح لدينا فائض من البودكاست العربي؟ أم أن المشهد لا يزال بحاجة إلى المزيد؟

ما بين التشبع والنقص

البودكاست العربي يتطور بوتيرة سريعة، لكنه يتركز في مجالات محددة جداً، خاصة التنمية الذاتية وريادة الأعمال. هذه المجالات، رغم أهميتها، أصبحت مكررة بشكل يشعر المستمع أحياناً بالتشبع. ومع ذلك، هناك نقص واضح في طرح موضوعات أخرى قد تكون أكثر تنوعاً وارتباطاً بحياتنا اليومية.

أين البرامج التي تبسط العلوم والتكنولوجيا وتجعلها ممتعة للجميع؟
لماذا لا نجد محتوى صوتياً يبحر في تفاصيل الفن العربي والموسيقى المعاصرة؟
وماذا عن القضايا الاجتماعية الحساسة التي نحتاج لمناقشتها بصراحة وجرأة؟

ما ينقصنا ليس الكمية، بل التنوع والجودة.

وبنظرة شاملة نجد ان نقاط الضعف في قطاع البودكاست العربي تتركز في ثلاث مشكلات أساسية:


1.غياب التخصص والتعمق: الكثير من البرامج تقدم محتوى عاماً ومكرراً، بينما الجمهور اليوم يبحث عن محتوى متخصص يتناول قضايا قريبة من واقعه.

2.ضعف جودة الإنتاج: رغم الجهود المبذولة، إلا أن مستوى جودة الصوت والسرد لا يزال بعيداً عن المعايير العالمية.

3.الخوف من الجرأة: نادراً ما نجد بودكاستات تناقش قضايا غير مألوفة أو جدلية مثل الصحة النفسية، دور المرأة، أو التحديات الاجتماعية.


الفرص الضائعة

أثناء الاستماع لقصص نجاح صُنّاع محتوى عالميين، شعرت أننا في العالم العربي نمتلك إمكانيات هائلة لم تُستغل بعد. لدينا قصص وتجارب ثرية، لكنها بحاجة إلى من يخرجها للنور. المشكلة تكمن في أننا نخشى الخروج عن المألوف، ونميل إلى النمطية.

لماذا تفشل بعض البودكاستات؟

•المحتوى المكرر وغير المبتكر: الجمهور سريع الملل، والمحتوى الذي لا يضيف قيمة جديدة يصبح عبئاً.

•عدم الانتظام في النشر: غياب الالتزام يجعل المستمع يفقد اهتمامه.

•ضعف التفاعل مع الجمهور: قلة التواصل مع المستمعين تشعرهم بعدم التقدير.

ورغم كل التحديات، اجد نفسي متفائلة بان البودكاست العربي لديه فرصة حقيقية ليصبح أداة فعالة لتغيير النقاشات المجتمعية وتعزيز الحوار الثقافي من خلال:

•التخصص والإبداع: تقديم محتوى مميز ومختلف عن السائد.

•توسيع الشرائح المستهدفة: إنتاج برامج موجهة لفئات محددة مثل الأطفال، النساء العاملات، أو المراهقين.

 
 
•رفع جودة الإنتاج: لنكون منافسين على مستوى عالمي.


حقيقة سعدت بتلبية دعوة وحضور قمة المليار متابع، حيث أكدت الحاجة لمحتوى عربي ملهم يعكس واقع وطموحات الجمهور، كسبيل لتعزيز المحتوى الإيجابي ومواجهة السلبي.

لدينا، كصناع محتوى، مسؤولية إحداث التغيير بالإبداع والجرأة. البودكاست العربي يعاني نقصًا لا فائضًا، ومستقبله واعد إذا استمعنا للجمهور ولبّينا احتياجاته.


سالي الأسعد