النواب أمام اختبار الموازنة.. هل من جديد؟
جهاد المنسي
من جديد، يشرع مجلس النواب العشرون، كما حال مجالس نيابية سابقة، بمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2025 وتوصيات اللجنة المالية النيابية التي أوصت بدورها بزيادة رواتب العاملين والمتقاعدين في القطاعين المدني والعسكري.
الاختلاف أن نواب المجلس الجديد وخاصة الجدد منهم، والذي جاء نوابه، وفق قانون انتخاب جديد تضمن كوتة للأحزاب قوامها 41 مقعدا من أصل 138 مقعدا يتعين عليهم الوقوف مجددا على منبر المجلس بعد أقل من شهر من وقوفهم الأول خلال مناقشات الثقة بالحكومة، وهذا الوقوف يتعلق بالمالية العامة للدولة، والدَّين العام وفوائده وغيره من مشاريع تنموية تتعلق بالدولة وماليتها.
المؤمل، أن تختلف المناقشات هذه المرة عن مناقشات سابقة مارستها مجالس نيابية كانت وقتها تُشبع الحكومة نقدا وخلافه، ثم تفوز الحكومة بالإبل، حيث كان النواب يستثمرون منبر مجلسهم بمطالبات خدمية غير متناهية، تحتاج لموازنات سنوات مجتمعة، دون أن يقدموا رؤى واضحة وخطة عمل لآليات سداد الدين، وطرق تخفيض المديونية، وإقامة مشاريع تعود بالنفع إيجابا على الدولة ومواطنيها تساهم في الحد من الفقر والبطالة.
عمليا، لا نريد كلمات نارية وكفى، وإنما نأمل الاستماع لخطابات متوازنة تتضمن خريطة طريق ورؤية واضحة للتعامل مع الدين وعجز الموازنة، وسبل تأمين زيادة الموظفين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين من خلال تخفيض النفقات.
«مالية النواب» بدورها قدمت ملاحظاتها ورؤيتها حول مشروع القانون ورفعتها إلى المجلس الذي سيشرع بالمناقشات، والنواب بدورهم عليهم التعامل مع تلك التوصيات بما يضمن ضمان تنفيذها ومتابعتها، وعدم جعلها حبرا على ورق.
بدورهم فإن كتل المجلس النيابي الذين يمثلون أحزابا سياسية مطلوب منهم تقديم مطالعات عميقة بعيدة عن المطالب الجهوية والمناطقية والتركيز على حل مشكلة المديونية والدين العام بشكل جذري، وأيضا ضمان الانسجام التصويتي بين أفراد الكتل النيابية، إذ ظهر خلال التصويت على الثقة بالحكومة قبل شهر عدم انسجام في السلوك التصويتي لـ 5 كتل، فيما انسجمت كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي بسلوك أعضائها التصويتي، ووفق المعطيات وقتذاك أن أعلى الكتل انسجاماً بسلوكها التصويتي هي كتلة عزم حيث منح الثقة ما نسبته 88 % من مجموع أعضائها وحجب 6 % وامتنع 6 %، تلتها كتلة الميثاق حيث منح الثقة ما نسبته 86 % من أعضائها وحجب 11 % وامتنع 3 %، ثم كتلة تقدم والتي منحت الثقة بنسبة 80 % وحجبت بنسبة 20 %، تلتهم كتلة إرادة والوطني الإسلامي والتي منحت الثقة بنسبة 70 % وحجبت بنسبة 30 %، فيما منحت كتلة اتحاد الأحزاب الوسطية الثقة بنسبة 65 % من أعضائها وحجبت بنسبة 35 %، فيما حجب الثقة عن الحكومة النائبان المستقلان الوحيدان في المجلس.
الحكومة قدمت ميزانيتها وخطابها، ومالية النواب وخلال ما يقرب من شهر من المناقشات والبحث قدمت توصياتها، وباتت الموازنة بيد المجلس وكتله، والتوصيات النيابية ملك المجلس الذي عليه الإضافة عليها أو تقليصها أو اعتمادها بشكل كامل.
المالية النيابية أوصت بزيادة الرواتب وتنفيذ المشاريع الكبرى كالناقل الوطني لتحلية المياه من العقبة، ومشروع سكة الحديد من ميناء العقبة وربطها بالمناطق إلى غور الصافي؛ ومواصلة الخطوات التنفيذية لإنشاء المدينة الجديدة، وتخفيض النسبة العامة على ضريبة المبيعات بما لا يقل عن 1 % وإعادة دراسة العبء الضريبي، وحوار وطني اقتصادي مالي، تمهيداً لعقد مجلس ثنائي بين مختلف ممثلي القطاعات مع سورية، لبدء تحديد التشارك الاقتصادي بين البلدين لما فيه مصلحة الشعبين، ومواصلة الخطوات التنفيذية لإنشاء المدينة الجديدة، لأهميتها في تحسن الاقتصاد الوطني ورفع مساهمة الاستثمار، وآثارها الاجتماعية.