عاملات بالزراعة بلا حقوق عمالية ورواتب منتظمة


نفذت جمعية معهد تضامن النساء الأردني دراسة متخصصة حول «العنف في مكان وبيئة العمل وأنظمة الدعم المتوفرة من خلال تدخلات مؤسسات»، والتي تأتي في إطار مشروع «مسارات آمنة» – سياسات لمناهضة العنف في بيئة وعالم العمل»، بدعم من الصندوق الأفريقي لتنمية المرأة.

وتهدف الدراسة إلى التعرف على العنف الواقع على النساء في مكان وبيئة العنف وأنظمة الدعم المتاحة من قبل منظّمات المجتمع المدني والجمعيات المحلية في كل من المحافظات الثلاثة (عمان، الزرقاء إربد)، ومدى تلبيتها لاحتياجات النساء العاملات.

واستهدفت الدراسة ثلاثة محاور؛ وهي النساء العاملات في القطاع غير المنظم (قطاع الزراعة الذي يقوم بتشغيله نسبة كبيرة من النساء)، والنساء العاملات في القطاع المنظم (القطاع الصناعي وبالأخص في قطاعي الحياكة والتصنيع الغذائي).

والمحور الثالث (مؤسسات المجتمع المدني العاملة مع الفئة النسوية)، بهدف التعرف على الخدمات المقدمة ومدى تلبيتها لاحتياجات الفئات المستهدفة.

وأظهرت الدراسة أن غالبية العاملات في الزراعة يتقاضين أجوراً أقل من الحد الأدنى للأجور، بالإضافة إلى اعتمادهن على صندوق المعونة الوطنية للحصول على رواتبهن نتيجة عدم كفاية الدخل الناتج من العمل الزراعي، ويفتقرن إلى آليات الحماية الاجتماعية التي تضمن لهن الأمان والاستقرار في بيئة العمل.

وتفتقر بيئة العمل إلى توفر أدوات السلامة المهنية العامة والإسعافات الأولية، وضعف ملاءمة وسائل النقل من حيث القدرة الاستيعابية ومقدار الراحة المتوفرة بها.

وأظهرت الدراسة أنه لا يوجد لدى العاملات عقود عمل تضمن لهن حقوقهن، ويواجهن في كثير من الأحيان تأخيراً في تسلم الأجور بسبب التأخر ببيع المحصول.

وأظهرت النتائج أن اكثر من النصف أي (68%) من النساء تعرضن للإهانة والإذلال خلال عملهن، مما جعل نسبة كبيرة منهن دائمي التفكير في الانسحاب وترك العمل، وأن ثلث العاملات (38%) يتعرضن دائماً وأحياناً لعنف جنسي من قول أو فعل أو إيحاءات جنسية، كما أن الاغلبية من العاملات اللواتي يتعرضن للعنف لا يلجأن إلى الشرطة أو مؤسسات المجتمع المدني، ويلجأن إلى الزميلات لطلب النصيحة، والأغلبية يفضلن الصمت خوفاً من خسارة عملهن، بالإضافة إلى عدم وجود أي برامج توعوية للعاملات في مجال العنف أو التحرش في بيئة العمل.

وأوصت الدراسة بضرورة عمل زيارات تفتيشية على المناطق التي تعمل بها المزارعات للتحقق من تطبيق التشريعات، وتوفير الدعم الفني لأصحاب المزارع لمساعدتهم على التقيد باشتراطات السلامة والصحة المهنية، وتوفير وسائط نقل آمنة للعمال والعاملات، وضرورة تنظيم حملات كسب تأييد لتفعيل تطبيق نظام رقم (19) لسنة 2021 (نظام عمال الزراعة).

وأظهرت النتائج في المحور الصناعي تحسنّاً في بيئة العمل مقارنة بالدراسات السابقة، وقيام العديد من المصانع بتوفير عيادات طبية واستراحات ومرافق صحية مخصصة للنساء وتوفير المواصلات، وتقديم محاضرات التوعية، إلا أنه ما زال هناك نقص في توفير أساسيات الحماية الاجتماعية مثل التأمين الصحي؛ وانخفاض الأجور، وضعف التطور الوظيفي للعاملات، وإلزامية العمل الإضافي.

ويتعرضن العاملات في القطاع الصناعي إلى عنف لفظي بنسبة (40%) وبالأخص من قبل المشرفين والمشرفات، تلاه التحرش الجنسي عن طريق الإيماءات الجنسية وبنسبة (19%).

وأوصت الدراسة بضرورة الالتزام بالنصوص القانونية الواردة في قانون العمل حول العمل الإضافي، وتفعيل لجنة الشكاوي في المصانع وذلك لتعزيز ثقة العاملات بالإدارة، والاهتمام بإيجاد حلولِ للمشاكل التي يواجهنها، وأكدت الدراسة على أهمية تفعيل دور النقابات المهنية ومفتّشي وزارة العمل في التعامل مع قضايا العنف وبجدية أكبر لتعزيز ثقة العاملات ببيئة العمل، والحرص على إيجاد بيئة عمل لائقة ومسار عمل يمكن المرأة من الوصول إلى حقوق متساوية.

وبينت الدراسة أن غالبية لمؤسسات المجتمع المدني العاملة مع النساء تفتقر إلى التخصصية والشمولية في تقديم الخدمات الخاصة بالنساء في بيئة العمل، مما يؤثر سلباً على نوعية الخدمات المقدمة وضمان استمراريتها، وضعف التنسيق بين الجهات ذات العلاقة فيما يخص الشكاوي العمالية، وعدم وجود آلية واضحة لمتابعة العمل بين الجهات ذات العلاقة، وتبين أن غالبية المؤسسات ليس لديها أي نوع من الخدمات المقدمة للنساء المعنفات في بيئة العمل، ويقتصر دورهم على برامج التوعية بشكل عام والتحويل الى المؤسسات ذات العلاقة.

وأكدت الدراسة على أهمية تنسيق الجهود بين المؤسسات ذات العلاقة والمعنية بعمل النساء من خلال إيجاد آلية عمل متكاملة وآلية رصد ومتابعة موحدة ونظام أرشفة تضمن مجتمعة وصول العاملات إلى حقوقهن تضمن متابعة سير الحالات، والعمل على توفير بيانات يمكن الاعتماد عليها لرسم سياسات وبرامج مستقبلية.

وبناء قدرات المؤسسات لتقدم خدمات متخصصة ومتكاملة للنساء المعنفات، لتعزيز جودة الخدمات المقدمة وضمان استمراريتها في المستقبل، وأهمية عمل حملات كسب تأييد، وتسليط الضوء بشكل دوري على الانتهاكات التي تتعرض لها العاملات لإيجاد حلول تضمن حصولهن على حقوقهن.

الرأي - غدير السعدي