رسالة الميلاد من بيت لحم: صمود وصلاة لأجل السلام

تحيي مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية، للعام الثاني على التوالي، عيد الميلاد لهذا العام دون مظاهر احتفالية معتادة، حزنا على قطاع غزة وسط استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية عليه منذ نحو 15 شهرا.

وغابت عن المدينة وكنيسة المهد التي يعتقد أنها شيدت على المغارة التي ولد فيها المسيح عيسى عليه السلام، أي من مظاهر الاحتفال، واستعيض عنها بالصلوات والدعوات من أجل وقف الحرب.

ففي مثل هذا الوقت من كل عام كانت شوارع وأزقة وكنائس المدينة تتزين بحلّة الميلاد، وتُنصب في ساحة "كنيسة المهد” الشهيرة إحدى أجمل أشجار الميلاد في العالم، وسط حركة سياحية نشطة.

وحول الأجواء التي يعيشونها، يقول الفلسطينيون إن الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بقطاع غزة والضفة الغربية جعلت حياتهم حزينة وسرقت فرحة الميلاد، وإن طقوس المناسَبة ستقتصر هذا العام على الشعائر الدينية وتبادل الزيارات العائلية.

ومنذ صباح الثلاثاء، بدأ مسيحيو بيت لحم والعشرات من الحجاج الأجانب بالصلاة في كنيسة المهد التي بدت وساحاتها شبه فارغة على غير المعتاد، إذ لطالما اكتظت ساحة الميلاد في مثل هذا اليوم من العام بالسياح والحجاج الذين يصلونها من مختلف دول العالم.

** صلوات من أجل السلام
في حديث للأناضول، يقول راعي طائفة الروم الأرثوذكس في المدينة، عيسى ثلجية، إن بيت لحم هذا العام "حزينة وكئيبة”، ليست كما السنوات السابقة، جراء استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية.

وأضاف: "رسالتنا لكل العالم رغم الألم والصعوبات والحرب، أن المسيح الفلسطيني يرفع الصلوات في العيد حتى يعمّ السلام والمحبة والرحمة، لأنه من بيت لحم انتشرت رسالة المحبة والسلام للعالم”.

وناشد ثلجية مسيحيي فلسطين بالصمود على أرضهم المقدسة، وقال: "هذه القطعة من الأرض لا يوجد مثلها، مكان مقدس وكل أنظار العالم تتجه إليها وخاصة في هذه الأيام”.

وقال: "إخوتنا وأبناء شعبنا في قطاع غزة يعيشون تحت الدمار والقتل والبرد والعطش، ومعاناة كبيرة يتكبدونها للبقاء، رسالتنا لهم رسالة صبر وسلام وأمل، نصلّي لهم في هذه الأيام، عسى أن تكون الأيام القادمة أفضل وأن يستطيعوا أن يكونوا معنا هنا في بيت لحم لكي نحتفل معا بالعيد”.

** صورة قاتمة
بدوره، وصف رئيس بلدية بيت لحم، أنطوان سلمان، أجواء الاحتفال بالعيد هذا العام بـ "القاتمة” في ظل واقع الحرب التي تمر بها فلسطين.

وقال "لم تتغير رسالة الميلاد منذ أن ولد المسيح، رسالة محبة، ولكن نصلي من أجل شعبنا”.

وأضاف سلمان: "بيت لحم قررت أن نحتفل بالعيد دون مظاهر احتفالية وأن تقتصر على الصلوات والشعائر الدينية والدعاء لرفع الظلم عن شعبنا وإنهاء معاناته”.

وأردف: "نرى أن بيت لحم يجب أن تُخرج للعالم اليوم صورة قاتمة عن الواقع في فلسطين من خلال عدم وجود زينة وأشجار الميلاد وفعاليات، حتى يتحرك الضمير الإنساني للعالم وأن يعملوا على إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل والشامل”.

وأشار سلمان إلى الأوضاع الاقتصادية في بيت لحم وقال: "بيت لحم اقتصاديا منهارة، نتيجة الوضع كثير من العائلات لم يقدموا ملابس وهدية الميلاد لأطفالهم، نعيش حالة قهر”.

** خسائر اقتصادية
الناطق باسم وزارة السياحة الفلسطينية جريس قمصية، يقول، إن "عاصمة الميلاد العالمية (بيت لحم) حزينة وكئيبة اقتصرت احتفالاتها هذا العام على الطقوس الدينية”.

وأضاف: "هذا العام لا يوجد وفود سياحية ولا حجاج نتيجة الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على شعبنا”.

وأكمل قمصية: "بيت لحم تعاني من ركود اقتصادي كبير، وبلغت نسبة الحجوزات في الفنادق لهذا العام 3 بالمئة فقط”.

وقدّر خسائر بيت لحم جراء الحرب بمليون إلى مليون و500 ألف دولار يوميًا جراء العدوان، فيما بلغ إجمالي خسائر منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بلغ نحو مليار دولار.

يذكر أن احتفالات الطوائف المسيحية التي تعتمد التقويم الغربي، تبلغ ذروتها بقداس منتصف ليل الثلاثاء/ الأربعاء (25/24 ديسمبر/ كانون الأول) في كنيسة المهد، فيما تحتفل الطوائف التي تعتمد التقويم الشرقي في 7 يناير/ كانون الثاني.

​​​​​​​ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 153 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

وبموازاة الإبادة وسّع الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل 825فلسطيني وإصابة نحو 6500 واعتقال 12 ألف و100.

الأناضول