«وِدّي» أصدقك!
بشار جرار
ما أبلغها اللهجة البدوية. يريد السامع التصديق لإحدى اثنتين، إما مودة للقائل أو ودا وتمنيا لصدق ما يسمع بحيث يرى ما سمع من عهود ووعود.
في بلاد العم سام، بلغة السياسة والصحافة يقال «ووك ذا توك» أي العبرة بالأفعال لا الأقوال. فقد عانت البشرية والمجتمع الدولي مما يعرف بتسميع الجمهور وخاصة من يملكون المال والسلطة والجاه بما يشتهون طلبا لودهم «لِبْ سيرفِس» هي كما وعود بعض المرشحين لناخبي المرة الواحدة أو الذاكرة السمكية، كلام في الهوا!.
سورية، إسرائيل، تركيا، إيران أم غيرها من الدول خاصة الأطراف الدولية المؤثرة في الأحداث الجارية منذ عام ونيف في الشرق الأوسط، كلها تعج بالإشارات المبهرة وتضج بالتصريحات التي تشرح الصدر كما يقال، لكن سجل بعض المتحدثين لا يذكّر السامع إلا بتلك المقولة الخالدة: ودّي أصدقك!.
سوريّا، سورية للسوريين و»أهل مكة أدرى بشعابها» يريدونا اشتراكية رأسمالية، إسلامية مدنية علمانية هم أحرار، لكن كل من كان له موقف إزاء سورية منذ ميلاد دولتها الحديثة وعبر امتداد حضارتها العريقة التي لا تقتصر على دين ولا على قومية، كلنا معنيون بسياستها الخارجية وتوجهاتها الاقتصادية ورسائلها الإعلامية التي من الواضح، أنها لا تقتصر على وسائل الإعلام التقليدية، وإنما تشمل منصات التواصل الاجتماعي والتي تضم إلى جانب الخطابات والتصريحات، خطب الجُمَع، وتوظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في انتاج ما يصب في لعن الماضي وجلده، والتمجيد بالحاضر ومستقبل لم يأت بعد، تهليلا وتكبيرا!.
بما أن ما جرى هو سقوط أو إسقاط حكم بشار ونظام الأسد، فهل يعني العودة إلى زمن الانقلابات؟ أم إلى ما كان مأمولا به دولة عربية موحدة عصية على ما قبل سايكس-بيكو وبعده. هل تُختزل تضحيات السوريين وكل من عانى ستة عقود ونيف، في سورية ومنها، بإلغاء شمّاعة القمع -محاربة إسرائيل وتحرير فلسطين- واستبدال إيران بتركيا؟ هل راعية مشروع إدلب هي من ستقرر مصير قوات سورية الديموقراطية والكرد ومعسكر أو سجن «الهول» ومصير آلاف المتهمين بالإرهاب من فلول الدواعش وأسرهم ممن يشاطرون الكثير الكثير من القيم والمظاهر التي نشأت عليها أسر في محافظة إدلب إبان سنوات «خفض التصعيد»؟.
ماذا يعني تجنيس مقاتلين أجانب، هل هو كما «الهول» -متعدد الجنسيات أيضا من أجنبية وعربية- هل هو حل للجوار الشمالي وما بعد في الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي، على حساب سورية وجيرانها العرب؟.
لحين فهم السامعين -خاصة الأشقاء والحلفاء- لنداء ورجاء «ودّي أصدقك»، قد يكون من الضروري تسريع عودة اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان على وجه الخصوص إلى حضن الوطن الذي يبدو أن إعماره جاري الشروع بتنفيذه على قدم وساق بعد «قانون قيصر»، حيث حصة الأسد للجار الشمالي الأطلسي، الأشقاء الأتراك. صحتين.. هذا هو التحرير وفوقه «حبة بركة» كما يقال بالشامي!