دلالات «الزيارة».. وأولويات المرحلة بين الأردن وسوريا؟

عوني الداوود

دلالات مهمّة حملتها زيارة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، يوم أمس كأول وزير خارجية عربي يزور دمشق بعد أسبوعين فقط من سقوط النظام السابق، وتولّي إدارة جديدة للبلاد بقيادة أحمد الشرع. هذه الدلالات تتلخص بما يلي:

1 - أول زيارة من وزير خارجية عربي، تؤكّد تمامًا أنّ الأردن هو «الأقرب» عربيًا إلى سوريا.

2 - تعني أن الأردن داعم رئيس لضرورة أن تسير الأمور في الاتجاه الصحيح نحو أولويات إعادة بناء الدولة السورية.

 سبق هذه الزيارة، جهد أردني مميز منذ 8 كانون الأول الحالي، وتأكيدات من جلالة الملك عبدالله الثاني بوقوف الأردن إلى جانب الأشقاء السوريين، واحترام إرادتهم، إضافة إلى توجيهات ملكية بتزويد الأشقاء السوريين بكل ما يحتاجونه من مساعدات وبضائع عبر معبر جابر. كما استضاف الأردن في 14 الشهر الحالي اجتماعًا حول سوريا بمشاركة وزراء خارجية ثماني دول عربية، والولايات المتحدة، وفرنسا، وتركيا، والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى ممثل الأمم المتحدة.

 بين الأردن وسوريا في هذه المرحلة أولويات مشتركة عديدة، وأولويات مختلفة لكل منهما -لكنّها طبيعية ومبرّرة وتحتاج إلى وقت- وفي مقدمة الأولويات:

1 - أمن واستقرار سوريا وعودة الهدوء واستتباب الأمن، أولوية سورية وأردنية مشتركة.

2 - توحيد البلاد، وصولًا لتشكيل حكومة تشمل الجميع، والبدء بعملية سياسية شاملة في سوريا، وصياغة دستور جديد.. مصلحة سورية أردنية عربية مشتركة.

3 - عودة العلاقات التجارية والاقتصادية الأردنية السورية المشتركة مصلحة «عاجلة» للطرفين.

4 - إعادة بناء الدولة بكافة مؤسساتها من (تحت الصفر) وفي كافة المجالات والقطاعات سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وتعليميًا وصحيًا، أولوية سورية يمكن للأردن أن يلعب دورًا مساعدًا رئيسًا فيها.

5 - إعادة الإعمار بكل تفاصيله أولوية سورية، من المهم أن يكون للأردن دور فيه. والأردن قادر على ذلك، ويمتلك أفضلية «الجغرافيا» من حيث الجوار وقرب المسافات، وأفضلية «التاريخ» للروابط المتجذّرة بين البلدين، وأفضلية «الجدوى الاقتصادية» من حيث قرب المسافة والجاهزية والخبرة والإمكانات، وانعكاسات كل ذلك على الأسعار الملائمة للمواطن السوري.

6 - أولويات الأردن: تأمين عودة «طوعية» لمن يرغب من الأشقاء السوريين الذين تستضيفهم المملكة منذ 14 عامًا. هم بين أهلهم، والدليل أن 10% من نحو (1.3) مليون لاجئ يسكنون في مخيمات اللجوء، والباقون منتشرون في جميع محافظات المملكة، حصل منهم نحو (350) ألف عامل سوري على تصريح عمل، وقد عاد إلى سوريا طوعًا منذ 8 الشهر الحالي (7250) سوريًا عبر الحدود الأردنية.

7 - أولوية الأردن: العمل المشترك مع الإدارة السورية الجديدة على سرعة استتباب الأمن وعودة الأمان على الحدود السورية الأردنية، وقطع دابر عصابات المخدرات والحشيش وحبوب الكبتاغون، التي تخوض قواتنا المسلحة منذ سنوات طوال حربًا ضروسًا في مواجهتها على طول الحدود البرية مع سوريا الممتدة على (375) كيلومترًا بين البلدين.
8 - مصلحة أردنية وسورية ولبنانية بعودة الأمن والاستقرار إلى سوريا، ووقف «قانون قيصر»، خصوصًا بعد سقوط النظام السابق.
9 - مصلحة أردنية سورية لبنانية بعودة تفعيل مشاريع إقليمية كبرى معطّلة بين هذه الدول في مقدمتها مشاريع إيصال الكهرباء من الأردن إلى طرابلس في لبنان عبر الأراضي السورية، وإيصال الغاز المصري عبر الأردن وسوريا إلى لبنان، إضافة إلى المشاريع الزراعية الإقليمية، وكل ما يتعلق بالأمن الغذائي بين كل من الأردن وسوريا ولبنان والعراق.

10 - مصلحة أردنية سورية لبنانية تركية أوروبية وعربية إقليمية مشتركة بفتح معابر «جابر - نصيب» بين الأردن وسوريا، ومعبر «باب الهوى» بين سوريا وتركيا.

11 - مصلحة أردنية سورية بإعادة الألق والنشاط لميناء العقبة الأردني وميناء طرطوس السوري.

كل ما ذكرناه.. وغيرها من النقاط، كثير منها ربما تحتاج إلى وقت. لذلك من المهم جدًّا إعطاء الإدارة الجديدة الفرصة لتعيد ترتيب الخطط والبدء بالأولويات، لأنّ الحمل ثقيل، والوضع على الأرض مأساوي، وسوريا في هذا التوقيت أحوج ما تكون فيه إلى مدّ يد العون من جميع الدول الشقيقة والصديقة، لتعود لدورها ومكانها العربي والدولي الكبيرين. ويبقى الأردن، دائمًا وأبدًا، هو الأقرب إلى الأهل في سوريا.