رؤية تطوير القطاع الصحي الخاص ..ر سالة الى الرئيس

 
دكتور عادل الوهادنه
في خضم السعي لتطوير القطاع الصحي الأردني بما يواكب التحديات والفرص، يظهر جدل صحي حول كيفية تحقيق التوازن بين تحسين الخدمات الصحية والحفاظ على شموليتها وجودتها. يبرز هنا خياران رئيسيان: تطوير القطاع الخاص كشريك أساسي لتعزيز الأداء الصحي، أو تبني الخصخصة كوسيلة لتحويل إدارة القطاع الصحي إلى القطاع الخاص. ولكن هل نحن بحاجة إلى اختيار أحدهما على حساب الآخر، أم أن الحل يكمن في نهج متكامل يدعم احتياجات الجميع؟

القطاع الخاص: شريك أساسي للنمو الصحي
القطاع الخاص الصحي في الأردن يتمتع بمكانة رائدة على المستوى الإقليمي، ويُعد أحد أعمدة النظام الصحي الأردني من خلال ما يقدمه من خدمات متطورة وتنافسية. ومع ذلك، يمكن أن يصبح أكثر فعالية إذا تم تعزيز الشراكة مع القطاع العام، بدلاً من اللجوء إلى تغييرات جذرية مثل الخصخصة.

لماذا تطوير القطاع الخاص؟
oتعزيز الاستثمار المحلي: في السنوات الخمس الماضية، شهد القطاع الخاص الصحي في الأردن نموًا بنسبة 30% بفضل بيئة استثمارية محفزة.
oتحسن جودة الخدمات: أشارت تقارير إلى ارتفاع جودة الخدمات الصحية المقدمة من القطاع الخاص بنسبة 20% في عام 2023 نتيجة دعم التنظيم والمراقبة.
oالاستدامة: التعاون مع القطاع العام يحافظ على الخدمات الشاملة التي تُقدم للمواطنين، دون التأثير على الفئات الأقل دخلاً.

هل الخصخصة هي الخيار المناسب؟
oالخصخصة، في معناها التقليدي، تعني تحويل ملكية أو إدارة المستشفيات والخدمات الصحية من الدولة إلى القطاع الخاص. ورغم نجاح هذا النموذج في بعض الدول، إلا أنه يحمل تحديات قد تؤثر على شمولية الخدمات الصحية وتكلفتها.
oتكاليف العلاج: تشير التجارب إلى أن الخصخصة الشاملة قد تؤدي إلى زيادة في تكاليف العلاج بنسبة 20-30%، مما قد يؤثر سلباً على شريحة واسعة من المواطنين.
oالتغطية الصحية: في بعض الحالات، تؤدي الخصخصة إلى تقليص نطاق الخدمات الصحية المقدمة، خاصةً للفئات ذات الدخل المحدود.
oرضا المرضى: الأرقام تظهر انخفاضًا في رضا المرضى بنسبة تصل إلى 10% في الأنظمة التي تعتمد بالكامل على الخصخصة مقارنة بالشراكات المتوازنة بين القطاعين العام والخاص.






المقارنات الرقمية: ماذا تخبرنا الأرقام؟
تطوير القطاع الخاص:
oتحسن في جودة الخدمات الصحية: بنسبة 20% خلال عام 2023 نتيجة تحسين البيئة التنظيمية.
oزيادة رضا المرضى: وصلت إلى 85% في المستشفيات التي تعتمد على شراكات متوازنة، مقارنة بـ 78% في المستشفيات ذات الإدارة الربحية البحتة.
oاستدامة الموارد البشرية: ارتفعت نسبة التزام الأطباء بالعمل داخل المملكة إلى 25-30% بفضل توفير بيئة داعمة، مقارنة بـ 10-15% عند نقص الحوافز.
الخصخصة:
oارتفاع التكاليف الصحية: بنسبة 20-30% نتيجة التركيز على الربحية.
oتراجع التغطية الصحية: انخفضت نسبة شمول التأمين الصحي في بعض الدول المخصخصة بنسبة تصل إلى 15%.
oانخفاض رضا المرضى: بنسبة تصل إلى 10% نتيجة لتراجع التركيز على الجوانب الإنسانية لصالح الكفاءة المالية.

نحو رؤية متوازنة: تعزيز الشراكة بدلاً من الاختيار بين خيارين
النقاش حول الخصخصة مقابل تطوير القطاع الخاص لا ينبغي أن يُنظر إليه كصراع بين رؤيتين متضادتين، بل كفرصة لتحقيق تكامل يُعزز الأداء الصحي ويضمن استدامة الخدمات. الحل يكمن في تعزيز الشراكات المتوازنة بين القطاعين العام والخاص، حيث يُمكن للقطاع الخاص أن يلعب دورًا رئيسيًا في:
oتحسين البنية التحتية الصحية.
oتوفير خدمات متخصصة ومتقدمة تدعم القطاع العام.
oاستقطاب استثمارات ترفع من كفاءة النظام الصحي بأكمله.

رسالة متفائلة: الأردن نموذج يحتذى به
دولة الرئيس الأكرم، الأردن لديه فرصة ذهبية للاستفادة من إمكانيات القطاع الخاص دون المساس بثوابت النظام الصحي الحكومي الذي يُعتبر مصدر أمان للمواطن. النهج الأمثل هو تعزيز بيئة العمل المشتركة، حيث يُصبح القطاع الخاص داعماً للتطوير، لا بديلاً للنظام القائم.
بهذا النهج، نستطيع تحقيق:
oخدمات صحية عالية الجودة وميسورة التكلفة.
oنظام صحي مستدام يُلبي احتياجات الجميع.
oاستثمار فعال يُعزز مكانة الأردن كمركز إقليمي للرعاية الصحية.

إن الرؤية المتوازنة القائمة على التكامل والشراكة هي الطريق نحو مستقبل صحي أفضل للأردن وشعبه