سوريا والمرحلة الثانية من حركات التحرر
نسيم عنيزات
يتخوف الكثيرون على مستقبل سوريا بعد سقوط نظامها، وسيطرة الثوار عليها وذلك اسقاطا على احداث مماثلة حدثت ابان الربيع العربي في بعض الدول.
فالثورات وحركات التحرر عبر التاريخ الذي اثبت ان اي عملية انقلابية، او حركة تحررية تمر بمراحل، ويكون لها ارتدادات وتاثيرات قوية، مهما كانت غايتها او هدفها، بغض النظر عن دوافعها او من يحركها ويقف خلفها، وذلك بعد ان تستعيد الشعوب وعيها، وتصحى من صدمتها، وتتجاوز فرحتها الأولى وتأخذ بعض الأطراف البحث عن مصالحها.
لا يمكن إسقاط مخرجات الربيع وانعكاساته على اي عملية شعبية او حركة تحررية، فعشر سنوات غير كافية للحكم على نتائجه ومخرجاته، وما حل و أصاب الدول والشعوب التي دخلت مخاضه، وتشابكت معه بشكل مباشر، مقارنة بحركات التحرر في العالم، حيث استمرت الثورة الفرنسية ما يقارب الـ100عام قتل خلالها عشرات الآلاف بسبب الارتدادت وسلسلة الانقلابات المتتالية والتنازع على السلطة، فكل قوة تاتي تنهي التي قبلها.
كما تحولت اوروبا إلى شلالات من الدماء وبقيت على حالها مستمرة بثورتها باتجاه حريتها وتحقيق هدفها الذي كان واضحا لا تغطيه غيوم او ترعاه قلوب مرتجفة وضمائر غائبة ومصالح حاضرة وهناك نماذج كثيرة.
وبالنظر ايضا إلى دول أوروبا الشرقية اين كانت؟ واي مسار سلكت وكيف اصبحت، يعرف ان الثمن كان زهيدا مقابل الهدف،
صحيح وجدت هذه الدول حاضنات لها حاصرت حركاتها داخل حدودها بعد ان تبنتها ودعمتها، خوفا من ان تتجاوز حدودها وتضر بمصالحها، واقصد هنا الدول الأوروبية التي تدخلت في حركاتها وانقلاباتها ايجابا سعيا للاستقرار والهدوء حتى لا تكتوي هي بنارها.
على عكس ما يجري في اوطاننا فهناك طامع فينا يتدخل بشؤننا ويرسم طريقنا سعيا لعدم استقرارنا، زارعا الفرقة بيننا وصابا الكاز في دواخلنا حتى تبقى منطقتنا مشتعلة، وشعوبها منشغلة بهمومها، وتأمين قوت حياتها يسيطر عليها الخوف ليتسنى لها بسط السيطرة والنفوذ.
وبالعودة إلى الثورات او ما يسمى بحركات التحرر فانها تاريخيا تمر بمراحل، وتتعرض لمخاضات، وتعصف فيها الكثير من الفتن والمؤامرات، من قبل فئات وحركات او فصائل متصارعة، القاسم المشترك بينها المصالح والنفوذ والبحث عن البقاء والحفاظ على الرأس والمكتسبات.
وكما أخبرنا التاريخ ايضا، قد تستمر هذه العملية عشرات السنوات وتبقى بين مد وجزر، وتقدم ورجعة إلى أن تتشكل حركة قومية او طبقة سياسية من رحم المجتمع نفسه، عاشت المخاض وعاصرت التجربة بكل مراحلها لتستخلص النتائج والعبر وتخرج بعدها بمشروع متكامل يحاكي المجتمع ومن ثم يلتف الناس حوله ويتفقون عليه.
واعتقد ان الثوار وفصائل المعارضه السورية استفادت من اخطاء المرحلة الأولى في بعض الدول التي حدثت فيها تغيرات، محاولة تجاوزها وتجنبها، الا ان ذلك يحتاج الى وعي شعبي ودعم ورعاية دولية خاصة دول الجوار حتى تستقر الامور وتمنع تفاقمها.