كريشان يكتب: يلا ع الشام..!
جفرا نيوز/ كتب: محمود كريشان
في رحاب مطعم موفق في "دويلعة" القريبة من "باب توما"، كانت طاولة "عقيل" في الركن الهادىء" تأخذ الطابع الشامي.. عامرة بما لذ وطاب من "مقبلات".. ولا نقول تأدبا "مازات".. كبه نيه، تبولة، "متبل" فوقه حب رمان مفروط، سودا "كبده"، جبنة بيضا محمره، سلطة، خس، خيار مقشور فوقه رشة ملح وعصرة ليمون، حمص بيروتي مخلوط ببقدونس، شنجليش.. بابا غنوج.. و"ألو بابا"..!
بدأ "عقيل" سهريته باجواء رومانسية بأضواء خافتة، وقد طلب عقيل من النادل الستيني، ان يضع اي اغنية للمطرب الراحل "صلاح فخري"!.. وقد صحح له النادل الاسم "صباح" وليس "صلاح".. ما علينا.. المهم بل المهمات.. حط لينا "يا مال الشام".. هكذا قال عقيل وهو يبتسم بعد ان لعلع الصوت: طال المطال يا حلوة تعالي..
عقيل أشعل سيجارته.. وبدأ يسترسل ذاكرته عندما كان هو وشلة "حسب الله" يسافرون على سوريا، من أزقة عمان.. على الدعسة "يلا ع الشام"، وختم الجوازات والتسوق من الاسواق الحرة على حدودنا وحدودهم، والسيارة تسابق الوقت، للوصول الى دمشق مع ساعات المساء، لتمضي الى درعا، و"مفرق جاسم" و"الصنمين.. وحاجه تهل الدمع يا عيني.. وصولا الى "الكسوة" على اطراف الفيحاء.. فندق الماجد.. البيت بيتك.. و"الريسبشن الأرمني" في فندق "قصر الشهبندر": اذا انت "كريشان" نحنا "كركشيان".. وعلى البال بعدك يا سهل حوران..
يا الله ما اجملها من ذكريات.. ملعب العباسيين، مالك شكوحي، عبدالقادر كردغلي، كيفورك ماردكيان، ماهر السيد، نزار محروس.. الوحدة، الاتحاد، الجيش، الكرامة.. وعدنان بوظو: جووول لسوريا.. واحد اتنين اتلاتي.. وحدة يا حياتي.. وصولا الى مرافقة الفيصلي في اللاذقية وحلب ودمشق، ومباريات منتخبنا في كرة السلة بصالة الفيحاء والهتاف الاردني الجميل في قلب الشام.. هاشمي هاشمي وانا اشهد هاشمي.. ينصرك ربي ابوحسين يا الهاشمي.. وقس على ذلك..
يلا ع الشام.. هات لك جروز مارلبورو أحمر.. علبة حلاة.. مقدوس وجبنة وتفاح ومشمش مستكاوي وجرنك وكرز اخضر وأحمر وشرحة "اسكي دنيا".. لا تنسى اللحمة البلدي من عند ابوعدنان في درعا و"مبرومة" من حلويات "داوود اخوان" بالميدان.. وميل على المحبة.. ٣ متر فوارغ و٤ رووس مع اكسسوارتهن.. وميل يا غزيل.. ميل..
في تلك الاثناء استعاد عقيل ذكرياته مع سوق الحميدية وكيف دخل ذات صباح دمشقي للسوق مع شلته الاردنية، وقد اعترضهم بائع "قهوة ساده" بملابس شامية تراثية، وبعد ان عرف جنسيتهم، من ملامحهم البدوية، وقد أقسم البائع ان يشربوا القهوة قائلا: والله عشان "سيدنا ابوحسين" غير تشربوا.. وارتشفوا القهوة بنشوة واعتزاز وأكرموه فوق العادة وهم يرددون: أبيش أحلى من السلط..
مع منتصف ليل "دويلعة".. تجلى عقيل وقال في قرارة نفسه: يذهب من ذهب.. يأتي من أتى.. ما يهمني أن تبقى سوريا بكامل البهاء والوداعة.. حب وكرامة وغناء قشيب: أخدوا حبي وراحوا شمالي.. يا ويل يا ويل حالي.. و: وزينوا المرجه.. و"المرجة لينا".. ع قولت أهلنا في الكرك..