عهد جديد لسوريا
حمادة فراعنة
الحلقة الثالثة
لم يسقط نظام الأسد فقط بسبب أخطائه الداخلية وخطاياه، سواء في التعامل مع الأكراد أو مع المعارضة السياسية والعسكرية، أو بسبب حجم الاعتقالات التعسفية المشينة التي قارفتها الأجهزة المتسلطة على السوريين، وهي أسباب موجبة ودوافع قوية لتوسيع حجم المعارضة الشعبية والحزبية والقومية والدينية ضد نظامه.
ولكن السبب الجوهري الإضافي الآخر يكمن في العداء الإسرائيلي الأميركي للنظام، على خلفية مواقفه الحازمة ضد الاحتلال والهيمنة ورفض الرضوخ لمصالحهم ومخططاتهم، وتمسكه بضرورة تحرير الجولان من الاستعمار الإسرائيلي، ورفضه الانكفاء عن تحالفه مع روسيا وإيران، وعن دعمه للخيار الفلسطيني.
لقد سبق وتعرض نظام الاسد لضغوط وإغراءات، بهدف الانكفاء عن خياراته القومية والسياسية والامنية ولكنه تماسك وصمد ولم ينحنِ أمام الضغوط، ولم يتجاوب أمام الإغراءات، وهو مثل عبدالناصر وصدام حسين ومعمر القذافي وياسر عرفات، وكل الذين تمسكوا بكرامتهم الوطنية وقوميتهم العربية، وتحالفاتهم سابقاً مع السوفيت، ولاحقاً مع روسيا والصين وإيران.
الولايات المتحدة التي انتصرت في معارك وصدامات ووقائع الحرب الباردة في مواجهة المعسكر الاشتراكي، منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، حتى نهاية الحرب الباردة 1990، تعمل وتحرص على استمرار هيمنتها العسكرية والسياسية والأمنية والاقتصادية المنفردة على العالم والسياسة الدولية، إلا ما تقدمه هي للآخرين، وصراعها الآن مع الصين وروسيا وباقي الأطراف الأقل نفوذاً وقوة: إيران، جنوب إفريقيا، بعض بلدان أميركا اللاتينية، وغيرهم، حتى لا تلغي نتائج انتصارها في الحرب الباردة، ولهذا تعمل على دعم الأنظمة التي تسير في فلكها، وتعمل بالتنسيق معها، أو وفق المصالح المشتركة المتفق عليها، وهذا ما يُفسر حجم دعمها للمستعمرة الإسرائيلية لتبقى مهيمنة متسلطة تحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية، وتفرض تطبيع علاقاتها مع العالم العربي وتكييفها لأن تكون أداة مقررة في العالم العربي، كما يقول نتنياهو : شرق أوسط جديد، بما يتعارض مع مصالح العرب القومية وتطلعاتهم نحو الكرامة والاستقرار، وباتجاه الاستقلال السياسي والاقتصادي.
بشار الأسد افتقد للأولويات واستمر في خياراته الضيقة معتمداً على روسيا وإيران وحزب الله، وهؤلاء الذين دعموه، لم يتمكنوا من مواصلة دعمهم له، ففقد الغطاء الدولي وضعف حزب الله على خلفية الضربات الموجعة من قبل المستعمرة، ولم يعتمد على شعبه، وتوسيع القاعدة الاجتماعية لنظامه، ولم تتمكن الأجهزة العسكرية والأمنية من حمايته، لأن أغلبية شعبه لم يكن معه، ولا يدين له بالولاء، فسقط النظام كما حصل مع العراق وتونس ومصر وليبيا واليمن.
النظام المقبل هل يتمسك بالجولان كأرض سورية محتلة؟؟ أم يتخلى عنها ولا يعطيها الأولوية ثمناً لقبوله من قبل الإسرائيليين والأميركيين، ورضاهم عنه.