حتى تحقق «موازنة 2025» أهدافها!
عوني الداوود
حتى تحقق موازنة 2025، التي بدأت اللجنة المالية في مجلس النواب منذ يوم أمس مناقشات مشروعها، لا بد من تجاوز أمور تكرّرت في معظم الموازنات السابقة، والعمل على اتخاذ إجراءات ضرورية نوجزها في النقاط التالية:
1. في موازنة تشكّل فيها «فاتورة الرواتب الشهرية» للجهازين المدني والعسكري وجهاز الأمن والسلامة ومخصصات التقاعد المدني والعسكري نحو 550 مليون دينار، وبإجمالي 6.6 مليار دينار سنويًا، بما يشكّل نحو 60 % من إجمالي النفقات الجارية، وإذا ما تم إضافة مدفوعات الفوائد تصبح النسبة 80% من إجمالي النفقات الجارية... في مثل هكذا حال، ماذا يتبقى للنفقات الرأسمالية؟.
2. في مشروع موازنة 2025، تم رصد (1.469 مليار دينار) للنفقات الرأسمالية، وهي «مخصصات حقيقية» - كما يصفها وزير المالية د. عبدالكريم الشبلي - وهي تزيد عن مستواها المعاد تقديره لعام 2024 بنسبة 16.5 %... لكنّ هذه المخصصات الرأسمالية منها: (785,740,000 مشاريع مستمرة)، و(606,229,000 مشاريع قيد التنفيذ)،
و(76,741,000 مشاريع جديدة)... وبغضّ النظر عن أن حجم المشاريع الجديدة قليل، إلا أن المشكلة لا تكمن في هذه النقطة، بل في أننا اعتدنا في معظم الموازنات على أن لا يتم صرف هذه المخصصات، وأن تبقى النفقات الرأسمالية مجرد أرقام يتم مناقلتها آخر العام للتخفيف من عجز الموازنة... في حين أن هذه النفقات هي التي يُعوّل عليها في إبقاء معدلات النمو عند فرضياتها، وهي للعام 2025 تُقدّر بـ(2.5%)... لذلك فإن المطلوب هو أن يتم إنفاق هذه المخصصات على مشاريع حقيقية في هذه الموازنة، خصوصًا وأن أوجه الإنفاق واضحة ومفصّلة وتحتاج إلى قرارات تنفيذية سريعة.
3. ممّا يؤكد ما ذكرته حول الإنفاق الرأسمالي بالعموم، ما يتعلق بالإنفاق الرأسمالي للمحافظات على وجه الخصوص، والذي يُقدّر بإجمالي 135 مليون دينار، وهذه المبالغ أيضًا غالبًا لا يتم صرفها في ذات العام، ولا يسمح النظام المالي بتدويرها للعام الذي يليه... لذلك لا تحقق تلك المخصصات الهدف المرجو منها بتنمية المحافظات وتشغيل أبنائها وتوفير المشاريع الخدمية المطلوبة.
4. حتى لا يتكرر ما حدث في موازنة 2024 من تراجع في الإيرادات لأسباب عدة، في مقدمتها تداعيات الظروف الجيوسياسية، مما أدى إلى اتخاذ الحكومة السابقة عدة قرارات لمحاولة التخفيف من تراجع الإيرادات، وبالتالي زيادة عجز الموازنة، لا بد من مراجعة «حقيقية» متواصلة للإيرادات، وحتى النفقات، حتى لا يُترك الأمر حتى الشهور الأخيرة، خصوصًا مع تطورات الأحداث في الإقليم واستمرار حالة عدم اليقين.
5. متابعة تنفيذ الموازنة ليست مقصورة على الجهة التنفيذية فقط، وهي «الحكومة»، بل هناك دور - لا يتم كما يجب أن يكون عليه - وهو على السلطة التشريعية أو مجلس النواب تحديدًا، ولو من خلال متابعة «فصلية» من قبل «مالية النواب» للاطمئنان على سير العمل بالموازنة، والمشاريع الرأسمالية على وجه الخصوص.
6. حتى تتحول برامج الوزارات والدوائر الحكومية وفقًا لمشروع موازنة 2025 إلى واقع ملموس، لا بدّ من التركيز والإسراع بتنفيذ المشاريع الخدمية أولًا، وفي مقدمتها المدارس والمراكز الصحية والمستشفيات، سواء من حيث بناء مبانٍ جديدة، أو إعادة الصيانة، لأن مثل هذه المشاريع هي الأكثر تلبية لاحتياجات المواطنين، والأكثر تأكيدًا على صدقية الحكومة بكافة وزاراتها ومؤسساتها على الإنجاز.
7. حتى تحقق موازنة 2025 أهدافها، لا بد من أن تأتي أرقامها المعاد تقديرها «لاحقًا» متوافقة أو قريبة - على الأقل - من فرضياتها، خصوصًا ما يتعلق بـ: الإيرادات والتحصيلات الضريبية - تخفيض عجز الموازنة - زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي - انخفاض معدلات البطالة - انخفاض عجز الميزان التجاري - والإبقاء على معدلات تضخم منخفضة.
8. من المهم أن تستمر الحكومة بالعمل على خطين متوازيين: أولهما، المضي قدمًا بتقديم مزيد من الحوافز للقطاعات الاقتصادية المختلفة، كما فعلت مع قطاعات (العقار والسياحة والصناعة والسيارات والخدمات والصادرات... إلخ)، بالتوازي مع المضي قدمًا بتنفيذ المشاريع الكبرى، لأن - الأخير - يرفع معدلات النمو ويخلق مزيدًا من الوظائف على المديين المتوسط والبعيد، في حين أن - الأول/ الحوافز - ينشط القطاعات الرافعة لمعدلات النمو، ويوفّر السيولة، ويخدم المواطنين، ويوفّر واقعًا ملموسًا لهم... وفي المقابل، فهو يرفد أيضًا خزينة الدولة بطريقة مباشرة وغير مباشرة.