فوضى المصالح
إسماعيل الشريف
مستقبل «إسرائيل» هو التوسع نحو دمشق
- سموتريتش
ما إن سقط نظام الأسد حتى سارع الكيان الصهيوني إلى احتلال كامل جبل الشيخ والمنطقة العازلة بين سوريا وفلسطين المحتلة. كما كثّف الطيران الصهيوني عملياته العسكرية داخل الأراضي السورية، وصولًا إلى قلب دمشق، مستهدفًا مستودعات الأسلحة والذخائر، والطائرات المقاتلة والمروحية، والدبابات، والطرادات. وفي تحد واضح، أعلن نتن ياهو أن الجولان سيبقى تحت سيطرة الكيان الصهيوني إلى الأبد.
هذه العمليات تنبع من عقيدة استعمارية تستغل أي أحداث لتحقيق مزيد من التوسع، وقد يُضاف إلى ذلك أنها تنبع أيضًا من الخوف والاستعداد لما هو قادم، بهدف منع وصول أسلحة الجيش السوري والإيراني إلى أي جهة أخرى.
في السنوات العشر الماضية، كان الأسد بمثابة وصفة مقبولة للصهاينة؛ نظام ضعيف لكنه في الوقت ذاته يسيطر على معظم الأراضي السورية. استباح الصهاينة أراضيه ونفذوا عملياتهم كما يفعلون الآن، ولكن على نطاق أضيق، مستهدفين نقاطًا محددة بالإضافة إلى الضباط الإيرانيين. ولم يشكل نظامه أي تهديد مباشر للصهاينة، خاصة بعد لجم حزب الله وتزايد مخاوف إيران من التعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
تجمع تصريحات كافة الدول الدولية والإقليمية، بما في ذلك الدولة المارقة، على ضرورة الوصول إلى حل سياسي في سوريا يكفل وحدة أراضيها ويحقق السلام. وتتركز الأنظار على هيئة تحرير الشام وزعيمها الشرع، حيث من المتوقع أن تقوم الولايات المتحدة وأوروبا قريبًا برفع الهيئة وزعيمها من قوائم الإرهاب والاعتراف بهما. يأتي ذلك بعد أن نجح الشرع في تقديم نفسه كبراغماتي بدلاً من متشدد، مصرحًا لشبكة سي إن إن: «في بعض الأحيان، من الضروري التكيف مع الواقع. الشخص الذي يتمسك بأفكار ومبادئ معينة دون مرونة لا يمكنه قيادة المجتمعات بفعالية أو التعامل مع الصراعات المعقدة مثل تلك التي تشهدها سوريا».
في سوريا، هناك تنوع كبير في الإثنيات والأيديولوجيات والأعراق والطوائف المتنافسة. والأهم من ذلك، وجود فصائل مسلحة تتنافس مع هيئة تحرير الشام ، مثل تنظيم داعش الذي يُكفِّر الجولاني وهيئته، ويشهد تمددًا ملحوظًا، حيث تضاعف عدد مقاتليه منذ بداية العام ليصل إلى 2500 مقاتل. إلى جانب ذلك، هناك الجيش السوري الحر ذو التوجه العلماني والمدعوم من الغرب، وقوات سوريا الديمقراطية، وهي قوات كردية تسعى لتحقيق حلمها بإنشاء دولة كردية مستقلة في شمال تركيا.
وخلف هذه التصريحات تكمن نوايا مختلفة، حيث قد تختار الدول الإقليمية المتصارعة دعم إحدى هذه الفصائل، مما قد يدفع سوريا الى الفوضى. وهذه الفوضى هي الوصفة المفضلة للإيرانيين للتغلغل مجددًا بهدوء ودون إثارة الانتباه. ولا بد لنا أن نتذكر سيناريو مشابهاً لما حدث في اليمن.
وهناك دول ترفض النفوذ التركي المتزايد في سوريا، مما قد يدفعها إلى دعم قوات سوريا الديمقراطية لتصبح قوة مقاتلة تقف في وجه هذا النفوذ.
ولا ينبغي أن نغفل عن الفلسطينيين، الذين قام نظام الأسد خلال السنوات الماضية بلجمهم ومنعهم من تنفيذ عمليات ضد الكيان الصهيوني انطلاقًا من الأراضي السورية، ثم قتل منهم الآلاف، مما دفعهم للانضمام إلى الثورة. لذلك، قد نشهد دعمًا لهم من دول إقليمية في محاولة للضغط على الكيان الصهيوني.
قد نشهد تغييرًا كبيرًا في تحالفات الفصائل المسلحة، حيث قد تقدم إيران دعمًا لتنظيم داعش، بينما تدعم روسيا الجيش السوري الحر، في حين تتجه بعض الدول الإقليمية لدعم قوات سوريا الديمقراطية.
لذلك، قد يبدو أن ما يجري اليوم في سوريا يخدم الصهاينة ويصب ضمن مشروع «إسرائيل الكبرى»، أو قد يتحول في النهاية إلى نقمة عليهم في المستقبل فهو بحق سيف ذو حدين!