هم النفعيون… عبيد المصالح وعباءة النفاق!
يحيى الحموري
في كل عصر، وعلى مرّ التاريخ، تظهر طائفة من البشر تعيش في زوايا الظلّ، تتلوّن بألوان المنافع، وتتزيّن بوشاح النفاق. هؤلاء هم النفعيون، مَن يتقنون فنّ التطبيل في أوقات السعة، ويجيدون التبرؤ في لحظات الضيق، حتى إذا سقط المسؤول أو زالت النعمة، كانوا أول الهاربين، وأكثر المتخلّين.
النفعيون ليسوا سوى قناصة للفرص، يرصدون مكاسبهم في عتمة الخداع، يُتقنون المراوغة في الكلام والتزلّف في الأفعال، لا مبدأ لهم ولا ولاء، سوى لجيوبهم المنتفخة ومصالحهم الآنية. يبيعون أنفسهم بثمنٍ بخس، ويظنون أن ذكراهم ستُمحى مع الأيام، غير مدركين أن صفحات التاريخ لا تُمحى، وأن لعنة النفاق تطارد أصحابها حتى في قبورهم.
هؤلاء ليسوا أعمدة للنظام، بل شقوق في جدرانه، يلوّثون سمعته بخطابهم الزائف وألسنتهم المسمومة. يتحوّلون من مدّاحين بالأمس إلى ناقدين غداً، يزعمون الشرف وهم أوهن الناس مروءة، ويهتفون بالولاء حينما تكون المكاسب قريبة، ثم ينقلبون إذا ما زالت الغنيمة.
النفعيون، وإن ملأوا الدنيا ضجيجاً، لا يُعمرون في ذاكرة الوطن، لأنهم مجرد فقاعاتٍ سرعان ما تتلاشى. الوطن لا يبنيه المنافقون، بل الصادقون في ولائهم، المخلصون في أفعالهم، أولئك الذين لا يبيعون كرامتهم على موائد المصالح ولا يتلاعبون بمبادئهم في سوق النفاق.
فلنقلها بصوتٍ عالٍ: لا مكان للمنافقين بيننا. سيظلّ التاريخ يفضحهم، وستبقى لعنة الحق تطاردهم. أما الصادقون، فهم النجوم التي تضيء سماء الوطن، مهما اشتدت ظلمة النفعيين.