ضبط الفوضى وكبح الثأر !!
محمد داودية
التطورات في سورية، تشير إلى أن أهم ما يحدث هو إسقاط النظام، دون إسقاط الدولة !!
إسقاط النظام، يولد فراغا سياسيًا وأمنيًا وعسكريًا، تنجم عنه الفوضى، والثأر الغرائزي، والتعرض للمؤسسات الوطنية خاصة المقار الأمنية ووزارات الدفاع والداخلية.
لكن إسقاط الدولة سيفتح الميادين للميليشيات والعصابات والتنظيمات الإرهابية.
يحتاج الشعب السوري الشقيق إلى سنوات كي يرتاح، وكي يحقق المصالحة التي لا مفر منها للاستقرار، وكي يتخلص من التقاليد السياسية والاجتماعية والاقتصادية البالية العتيقة، التي أذلت شعب سورية وشردته.
ملف عودة ملايين اللاجئين السوريين واسترداد حقوقهم وأملاكهم التي انتزعت ووزعت على أزلام النظام يحتاج إلى سنوات.
قوى المعارضة التي أطاحت حكم الأسد الدموي، يصل عددها إلى نحو 20 فصيلًا تواضعت على بناء «تحالف الإطاحة»، وهي ليست على قلب رجل واحد، والخشية ان تبرز الخلافات على شكل حوار بالطلقات، لا بالكلمات، وهو ما حذر منه الملك في اجتماعه بمجلس الأمن القومي يوم أمس، حين شدد على «ضرورة حماية أمن سوريا ومواطنيها ومنجزات شعبها، والعمل بشكل حثيث وسريع لفرض الاستقرار وتجنب أي صراع قد يؤدي إلى الفوضى».
وتلك الفصائل السورية لن تتمكن بالطبع من وضع خلافاتها وعقائدها في الفريزر إلى الأبد !!
ويمكن لأشقائنا السوريين الاطمئنان إلى ان خاصرتهم وحدودهم الجنوبية مع الأردن، في مأمن كامل. فبلادنا «تقف إلى جانب الأشقاء السوريين وتحترم إرادتهم وخياراتهم».
أما حدودنا ففي عهدة نشامى جيشنا العربي الأردني وحرس حدودنا الاشاوس الذين قدموا أعز التضحيات فداء للوطن.
والأردن، كما أكد الملك، لطالما وقف إلى جانب الأشقاء السوريين منذ بداية الأزمة وفتح أبوابه للاجئين خلال العقد الماضي مقدمًا لهم مختلف الخدما ت، أسوة بالأردنيين.
انتقال الشعب السوري السلمي، إلى الحياة المدنية الديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والإثنية، هو انتقال صعب، وليس سهلًا، لكن إرجاء هذا الانتقال أو التلاعب بشروطه سيكون مفجعًا، والبديل هو الانتقال إلى حمامات الدم !!
عندما تدحرج الصخرة الهائلة، لن ترى تحتها سوى الخمج، لكن إلى حين، إلى أن تضرب الشمس تلك البقعة المعطوبة.