من الفاقد إلى الفقر التعليمي - نتائج الاختبارات الدوليه تتحدث

البرفسور عبدالله سرور الزعبي 

قبل اقل من عام وتحديدا" بتاريخ 22/1/2024 كنت قد كتبت مقالا" بعنوان "عندما صرخت امريكا: الأمه في خطر" وهي الصرخة التي انطلقت مطالبة بضرورة إصلاح التعليم بسبب تدني نتائج  طلبة امريكا في اختبارات الرياضيات والعلوم واللغة مقارنة مع أقرانهم من الدول المتقدمة. 

في ذلك الوقت تحدثت عن نتائج الطلبة الاردنيين في الاختبارات الدوليه لدورة ربيع 2022، وهي التي وضعت طلبة الاردن في المرتبة 75 من بين طلبة 81 دوله شاركوا في الاختبارات. 

في نهاية الاسبوع الماضي (تاريخ 4/12) صدرت نتائج الاختبارات الدولية لدورة 2023، وجاءت مخيبة للامال. حيث بينت نتائج اختبارات TIMMS حصول طلبة الصف الثامن في الرياضيات على 388 نقطة، مع ان المتوسط العالمي كان 478 نقطه، اي ان نتائج طلبتنا كانت اقل من المتوسط العالمي في 90 نقطه. اما نتائج طلبة الصف الرابع فكانت 427 نقطه واقل من المتوسط العالمي في 77 نقطه.

اما نتائج الاختبارات في العلوم، فكانت للصف الثامن بواقع 413 نقطه، وهي اقل من المتوسط العالمي في 65 نقطه، وللصف الرابع كانت 418 نقطه، واقل من المتوسط العالمي في 76 نقطه. وفي جميع الاحوال كانت نتائج طلبة الاردن ضمن فئة المستوى  المنخفض.  

إلا ان الكارثه الاكبر في نتائج اختبارات PIRLS والمعنية بتقيم مدى الفهم للطلبة، حيث حقق طلبتنا 381 نقطه، بينما متوسط الطلبه العالمي كان 503 ومتوسط الطلبة العرب كان 429، اي ان نتائج طلبة الاردن اقل من المتوسط العالمي في 122 نقطه واقل من متوسط الطلبه العرب في 48 نقطه، وتقريبا في الموقع المتأخر بين طلبة العالم، وهذا يحتاج منا إلى وقفه تقيميه قد تؤدي إلى ثورة بيضاء حقيقيه في قطاع التعليم. 

عند المرور على نتائج طلبة الدول الأخرى، نجد على سبيل المثال بان طلبة سنغافورة حصلوا على افضل النتائج في الاختبارات الدوليه، فكانت للصف الثامن في الرياضيات 605، والصف الرابع 615، اما طلاب كوريا الجنوبية، فنتائج الصف الثامن كانت 596، والصف الرابع 594، وفي نفس الوقت حصل طلبة الصف الثامن في قطر على 451، وفي البحرين على 426، ونتائج طلبة الصف الرابع في قطر كانت 464 والبحرين 462. اي ان نتائج طلبة الاردن اقل من نتائج طلبة قطر في الصف الثامن بواقع 63 نقطه وللصف الرابع في 37 نقطه.

وهنا فاننا نعتقد بان التبريرات التي قدمت من وزارة التربية لنتائج الاختبارات الدولية لدورة 2022 لا يمكن لها ان تكون مقبولة لتبرير نتائج اختبارات دورة 2023.

 وهنا من المفروض لنا ان نتوقف عند التصريحات الصادرة عن وزير التربية والتعليم او وزارة التربية خلال الفترة الماضية والتقرير الوطنية والدولية فيما يخص الفاقد والفقر التعليمي وربطها مع هذه النتائج. 

ففي تصريح سابق لوزير التربية في العام الماضي كان قد تحدث عن ان نسبة الفاقد التعليمي هي 52% (والفاقد التعليمي، هو الفرق ما بين ما هو مخطط إكسابه للطلبة من معارف ومهارات وما يكتسبوه فلعا على ارض الواقع، حسب وزارة التربية)، هذا مع العلم بان تقرير حالة البلاد لعام 2021 بين ان الفاقد التعليمي كان 30%. 

كما تفاجأ الجميع في الأردن بتصريح آخر لمعالي وزير التربية (منشور بتاريخ 12/3/2024) بان نسبة الفقر التعليمي وصلت إلى 60% (والفقر التعليمي، يعني بان طلبة الصف الرابع في عمر 10 سنوات لا يستطيعون فهم واستيعاب فقره من نص في اللغة العربية في مستواهم، حسب وزير التربيه، لا بل كان قد اكتشف بان طلبة في الصف العاشر لا يعرفون القراءة والكتابة)، اما تقرير البنك الدولي فيشير إلى ان نسبة الفقر التعليمي تصل إلى 63%، فيما كانت عام 2023 تقدر 57% وعام 2022 كانت 52%.

أما إذا تطرقنا للدراسات المنشورة من قبل بعض الباحثين، مثل دراسة الدكتور محمود مساد، التي تبين ان معارف ومهارات الصف 12 في الاردن تعادل معارف ومهارات الصف الثامن في المستوى العالمي، كنتيجة لفاقد وفقر التعليم.

لمعالجة الوضع، كان قد صدر تصريح عن الوزارة بتاريخ 16/2/2023، بوجود خطة لمعالجة فاقد التعليم خلال 3 سنوات، إلا وزير التربية تبعها بتصريح آخر بتاريخ 19/6/2023 بان معالجة الفاقد تحتاج إلى 10 سنوات، دون التطرق إلى الية معالجة آلفقر التعليمي. 

ان مثل هذا الوضع يعني بان نسبة تقارب 60%  من هذا الجيل من الطلبة سيكون وبكل تاكيد غير مؤهل بالمهارات والقدرات ومسلح بأخلاقيات العمل بشكل مقبول للمساهمة في تحقيق اهداف التنمية المستدامة في المستقبل؟ 

وهنا، اعتقد ان الخلل وكما هو معلن عنه من قبل وزير التربية معروف (المنهاج، وتاهيل المعلمين وفي القيادات التربوية) إلا أن التاخير في المعالجة ستؤدي إلى فقدان جيل آخر من الطلبة غير المسلحين بالمعارف والمهارات. وهنا نعيد التاكيد على ان نتوقف عن اجراء التجارب على الطلبة وان نعمد إلى نقل تجارب ناجحة مثل تجربة مناهج سنغافورة او كوريا الجنوبية، كونها اثبتت نجاحات على مستوى العالم ولسنوات ونضيف اليها منهاج اللغة العربية والتربية الاسلامية والوطنية، واستخدام مخصصات تطوير المناهج في الاردن لتدريب وتاهيل المعلمين على المناهج التي تعتمد، واختيار قيادات تربوية كفوءة بعيداً عن المحاصصة والمجاملة.

كما اكرر اقتراحي بان يتم حصر اعداد وتأهيل المعلمين في مؤسسة واحدة مثل أكاديمية الملكة رانيا لتدريب وتأهيل المعلمين بداء من الثانوية العامة وعلى غرار ما هو معمول به في المعهد الوطني في سنغافورة، وان يتم اعتماد آلية اختيار المعلمين في هذه المرحلة على غرار الطريقة الكورية الجنوبية ، لكي نصل إلى مستوى التعامل مع المعلم كصاحب اختصاص ونضمن عملية التسريع في معالجة الخلل، قبل تفاقم الأمور ونجد انفسنا خارج التقيم العالمي، ولكي نحقق الرؤى الملكية في تخريج اجيال مسلحة بكل ما هو مطلوب لمستقبل الحياة والتحديات وقادرة على الارتقاء والتغير والنهوض في مستقبل الدولة الأردنية.