تداعيات تخفيض سعر الفائدة الفيدرالي الأميركي على الاقتصاد الأردني في ظل التحديات الإقليمية والسياسية..

هاني الدباس

مع إعلان الفيدرالي الأميركي عن تخفيض سعر الفائدة، تتجه الأنظار إلى تأثير هذا القرار على الاقتصاد الأردني والبنوك المحلية. ورغم الفرص المحتملة التي يوفرها هذا التخفيض، إلا أن التحديات الإقليمية والسياسية، بما في ذلك موخراً تداعيات الحرب في سوريا وعودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية، تفرض ضرورة توخي الحذر في الاستفادة من هذه الفرص.

لا شك ان سعر الفائدة أداة رئيسية للسياسة النقدية، حيث يؤثر ذلك على تكلفة الاقتراض وضخ السيولة في الأسواق. وبالرغم من أن الأردن لا يعتمد بشكل مباشر على الفيدرالي الأميركي في سياساته النقدية، إلا أن ارتباط الدينار الأردني بالدولار يجعل هذا القرار مؤثرًا على الاقتصاد المحلي. وعندما يخفض الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة، تنخفض تكلفة الاقتراض بالدولار عالميًا، مما يتيح للحكومة الأردنية والمستثمرين فرصة للحصول على تمويل منخفض التكاليف.

علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي تخفيض سعر الفائدة إلى تحفيز الاستثمارات الخارجية، حيث يبحث المستثمرون عن أسواق تقدم عوائد جذابة مع استقرار اقتصادي، مما قد يُسهم في تحفيز المشاريع الجديدة في الأردن.

من المتوقع أن تتبع البنوك المحلية الأردنية هذا التوجه بخفض أسعار الفائدة على القروض والودائع، مما سيؤدي إلى تحفيز النشاط الاقتصادي. حيث ان انخفاض الفائدة يجعل القروض أكثر جاذبية للشركات والأفراد، سواء لتمويل مشاريعهم أو لشراء العقارات أو لتوسيع الأعمال. 

ومع زيادة الطلب على القروض، يُتوقع أن تتحرك عجلة الاقتصاد بوتيرة أسرع، حيث يتم ضخ المزيد من النقد في السوق، مما يرفع من مستوى السيولة ويعزز الأنشطة التجارية. ومع ذلك، يجب على البنوك إدارة هذا التحفيز بحذر، لضمان عدم التسبب في تضخم مفرط أو تراكم ديون يصعب سدادها.

لقد شهد الأردن تأثيرات اقتصادية كبيرة نتيجة الاضطرابات الإقليمية. منذ عام 2011، تلقى الاقتصاد الأردني صدمات جرّاء هذه الاضطرابات، حيث انخفض معدل نمو الناتج القومي الإجمالي من 6.5% في الفترة بين 2000 و2009 إلى 2.5% سنويًا وبلغ 2% فقط في عام 2017 (Al Jazeera). كما قُدّر الأثر الاقتصادي للصراعات والحروب على الاقتصاد الأردني بحوالي 2.6 مليار دينار (Al Mamlaka TV).

بالإضافة إلى ذلك، أدى تدفق اللاجئين السوريين إلى زيادة الضغط على الموارد والبنية التحتية، مما زاد من تحديات الاقتصاد الأردني.

ولا شك ان مع عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية في 20 يناير 2025، ستثار تساؤلات حول سياساته تجاه الشرق الأوسط وتأثيرها على الأردن. حيث خلال فترته الرئاسية السابقة، اتسمت سياساته بدعم قوي لإسرائيل، مما أثار قلقًا في الأردن بشأن مستقبل حل الدولتين والقضية الفلسطينية. ويتوقع مراقبون أن تستمر سياسات ترامب تجاه الشرق الأوسط على نفس النهج، مما قد يؤثر على الاستقرار الإقليمي بالتاكيد.

بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي سياسات ترامب إلى تغييرات في المساعدات الأميركية للأردن، مما يستدعي من الحكومة الأردنية التحوط واتخاذ تدابير لضمان استقرار الاقتصاد الوطني.

في ضوء هذه التحديات، يجب على الأردن اتخاذ تدابير احترازية، تشمل تنويع مصادر التمويل والاستثمار، وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية والتأثر بالتقلبات السياسية. وكذلك تعزيز الاستقرار الداخلي من خلال تحسين البيئة الاستثمارية وتبسيط الإجراءات البيروقراطية لجذب الاستثمارات. هذا بالإضافة إلى مراقبة التطورات الإقليمية والدولية، واتخاذ سياسات مرنة للتكيف مع التغيرات المحتملة.

باختصار، يمثل تخفيض سعر الفائدة الفيدرالي الأميركي فرصة للاقتصاد الأردني، لكنه يتطلب حذرًا في ضوء التحديات الإقليمية والسياسية لضمان تحقيق الاستفادة المثلى والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.