اخوان الاردن والسلطة

جفرا نيوز - فارس الحباشنة 
نجح الاخوان في تبديد الامال بسرعة قياسية ، مسيرتهم في العمل السياسي أمتدت لاكثر من نصف قرن ، وهي أستمرارية تفقدها أحزاب سياسية عربية كبرى " مات الحزب الشيوعي بالاقطار العربية عند سقوط الاحاد السوفيتي و المنظومة الاشتراكية ، و مات البعث العراقي عند سقوط تمثال صدام حسين من وسط بغداد ، ومات البعث السوري عند اندلاع أول شرارة للاحتجاج الشعبي السوري من درعا .

حافظ الاسلاميون على معارضتهم الهادئة و الناعمة و اللطيفة و المؤدبة للانظمة الحاكمة ، بقوا ينتظرون الفرصة الملائمة للانقضاض على الحكم و تقديم مشروعهم الاحلالي في السلطة ، حلهم الطوطابي للازمة السياسية العربية و أمراضها لم تعد براقة ، وصعود الاسلاميين في تونس و مصر و المغرب و بلدان أخرى ينظر بمعركة مع القوى السلفية الدينية " صراع يدور تحركة الدوحة و الرياض " الوهابية .

وصل الاخوان الى الحكم بعد طول عناء و مشقة و أنتظار ، لهج الاخوان خلال عقود طويلة باطلاق شعارات دينية مبهمة حول " الاسلام هو الحل " ونحو أسلمة المجتمع ، ولم يتبين تفصيلات الحل الاسلامي الا من خلال القنوات التحريضية و تطبيق اللباس الاسلامي و بنوك الربا الحلال ، و الطبخ الاسلامي و التحيةالاسلامية و المدارس و الجامعات الاسلامية الربحية و الرياضة الاسلامية و الطعام الاسلامي .

نجح الاخوان كذلك في أستقطاب جمهور كبير من المؤيدين لافكارهم ومشروعهم السياسي و الاجتماعي ، وشكلوا فصيلا كبيرا للمعارضة الرسمية القوية في الاردن مثالا ، وبنوا بنتظميهم السياسي "حزب جبهة العمل الاسلامي و ذراعهم الخيري " جمعية الاخوان المسلمين " حجورا وثقوب وزراديب عميقة في المجتمع الاردني ، بعضها معلن و بعضها الثاني سري .

الاخوان المسلمين ، رغم ما يغدق عليهم من أموال محلية و عربية و عالمية ، لم يفلحوا بالوصول الى منالهم السلطوي في الاردن ، بقوا يراوحون مكانهم للانقضاض على مراكز السلطة و الحكم ، يناورون سياسيا بادوات مكشوفة و سرية ، بتحالفات سرية مع قوى حراكية ، و تحالفات معلنة مع قوى مدنية كالنقابات المهنية وغيرها .

ولكن الازمة الاخيرة التي عاشتها الاردن ، تفرض علينا رسم أكثر من علامة أستفهام حول صوابية الاسلاميين السياسية ، و صعودهم الخطير الى قلب القرار الاحتجاجي الشعبي ، و أستغلالهم الصرف للازمة الاقتصادية المخضة و تحويلها لمادة سياسية لاشعال نار الفتنة و الاقتتال الاهلي .

طموح الاسلاميين للوصول الى السلطة في الاردن بات أكثر الاحاديث قمعا و تسلطا ، على طريقة أنت تفرض مشروعك بارهاب سياسي على الدولة و المجتمع ، و ترفض خيارك السياسي بالوصو من بوابة و عتبة الفعل الديمقراطي .

في تجربة أخوان الاردن لدينا دلائل و براهين كثيرة لادانة مشروعهم السياسي ، خصوصا في السياسية الداخلية و الخارجية ، هناك تقارب مثير للانتباه مع سفارات دول الغرب في عمان ، يرسلون منودبين سريين للعواصم الاوروبية لتقديم واجب الحج الى الاذرع العقائدية و الفكرية للوبي الصهيوني ، أي مؤسّسة واشنطن لسياسة الشرق الأدنى " برز قياديون أسلاميون أردنيون نتحفظ عن ذكر أسماهم في سياقنا خطباء و صادحين ينظرون بعقيدة الاسلام الجديد " .

لكن المعيار الأساسي في الحكم على الإخوان يكمن في نفاقهم على صعيديْن: في تبيان المسافة بين الخطاب العربي و الغربي ، كما رصد لموقفهم المتضارب و المنافق لاحداث غزة الاخيرة ، و تبيان واضح للمسافة بين وعود الاخوان الشعبية و حقيقة تخطيطهم السياسي السري للسلطة .

والإخوان منسجمون مع أنفسهم في السياسة الاقتصاديّة. إنّ الحركة رجعيّة يمينيّة في رؤيتها الاقتصاديّة، وهي لا تختلف أبداً مع وصفات البنك الدولي وصندوق النقد العالمي. على العكس، فإن وصفات المؤسّسات الماليّة الغربيّة تتواءم مع الحلول الإسلاميّة للإخوان ، أخوان الاردن لم يواجهوا مشروع باسم عوض الله الاقتصادي ، بقوا حلفاء ظل مؤمنين بالوصفة الاقتصادية الامبرالية للبنك الدولي .وربما أن ذلك لسبب واضح وصرسيح وهو طمأنة الغرب في الحفاظ على مصالح نفوذهم الاقتصادي في الاردن و هو ما نهج الاسلاميون علي دربه ببلدان عربية أخرى وصلوا الى سدة حكمها .