التدخين ممنوع والعتب مرفوع!

بشار جرار

نِعم الله لا تعد ولا تحصى. أذكر منها باعتزاز أن حارتي في جبل الحسين، الحبيب مكانا ومقاما، كانت فيها بقالة واحدة صاحبها جار لا مجرد تاجر. لم يضطر يوما إلى تعليق عبارة كانت ومازالت شائعة، وهي «الدين ممنوع والعتب مرفوع».

لا يعني ذلك أن الدين لم يكن حاضرا في بقالة الحارة لكنه لم يكن شائعا. حضوره كان يقتصر على دفتر واجبات مدرسية كنا نعرف كزبائن كون «حارتنا ضيقة» أنه دفتر الدفع الآجل وليس الدين! كان جارنا الحسن المحضر والطيب المعشر كان يسجّل الدين أولا على قصاصة يفرّغها في وقت الفراغ بخط واضح في صفحة هذا الجار أو ذاك لحين «القبضة» لما «ينزل» الراتب -فالرزق أيامها كان يهبط من السما (ء) لا «يُهْبَشُ» من الأرض! وقد كان في ذلك الزمان الدافئ تقارب بين رواتب القطاعين العام والخاص، لا مجرد تواريخ استحقاقها آخر الشهر لا في ثلثه الأخير كما هو الحال في عشرينيات كل شهر.

تذكرت خلال متابعتي جلسات الثقة تحت القبة، تلك الديباجة التي ترفع فيها لافتة «العتب مرفوع» فعتاب المحبة ينتظر من الجار أن يبرّ بجاره أو على الأقل لا يؤذيه. ونحن -ولله الحمد- نباهي بوعينا الدنيا كوننا من أعلى الدول تعليما وحصولا على الشهادات العليا، فنعرف يقينا أن التدخين السلبي قاتل. فجزى الله رئيس مجلس النواب سعادة أحمد الصفدي خيرا على تفعيل هذا الحق وصونه لغير المدخنين، وربما لصورة المجلس وهيبته أيضا، فمن المعروف بالمقاييس العالمية، أن ممارسة التدخين لا تليق بجلال وقدر المكان، سيما من قيادات هي قدوة للناس الذين منحوهم ثقة وشرف تمثيلهم تحت القبة وأمام العالم كله، عند تداول الفضائيات والمنصات فيديوهات عن مداولاته، حتى وإن كانت محلية بحتة.

يوما ما، نرفع معا حكومة وبرلمانا ربما شعار «الدين ممنوع والعتب مرفوع» فالاستدانة السلبية أو القسرية، الاستدانة تحت ضغط المطلبية التي لا تفرق بين الرغبات والحاجات أو التي لا تضع الأولويات في موضعها الصحيح، لا تقل إضرارا بالصحة عن التدخين السلبي القسري بأنواعه، حتى لو كان ذلك المدعو «الفيب» قاتله الله، وقد تسلل من خلاله إرهابيّو سموم المخدرات كما عرفنا مؤخرا من إنجازات نشامى مكافحة المخدرات وحرس الحدود وأجهزة أمنية وعسكرية أخرى عيونها لا تنام ولا تسهو أبدا عن «الجووس» ذلك السم الزعاف الذي حاول حثالة المجرمين تهريبه من سورية المكلومة، عبر الأردن أو إليه.

بهمة الغيارى النشامى على صحتنا أفرادا ومجتمعا ووطنا بالإمكان التعافي من آفة التدخين والديون بطرق شتى أولاها رفع العتب..